تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأعجب من ذلك أنَّه إذا ما اجتمعت كلمةُ أهلِ السُّنَّة على الحقِّ والدِّين وتعزَّزت وِحدتها غيَّروا موافقتهم وتدافعوا إلى طليعتها موجِّهين ومنذرين، وقد أخبر الله تعالى عن مثل هذا الصِّنف من الناس بقوله: ?وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ، وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ? [العنكبوت: 10 - 11].

شبهات وتلبيس

وعادة أهل الأهواء التمسُّك بالشُّبُهات يُلبِّسونها على العوامِّ وسائرِ من سار على طريقتهم، يحسبها الجاهل - بحسن ظنِّه - أدلة الشرع وأحكامه (22 ( http://**********%3cb%3e%3c/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_22%27%29)) ، ? وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ? [آل عمران: 78].

ومن جُملة الشُّبهات وأهمِّ التعليلات: استنادهم إلى قوله تعالى: ?قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ? [يونس: 58]، على أنَّ في الآية أمرًا بالفرح بمولده صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم والاحتفال به، وبقوله تعالى: ?وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ? [إبراهيم: 5]، ليشكروا اللهَ على نعمة مَولد النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، ففي الآية دليلٌ -في اعتقادهم- على جواز تخصيص شهر ربيع الأول، وليلة: «12 ربيع الأول» منه للابتهاج والفرحة بمولده، وإفهام الناس سيرة النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأخلاقه ومعجزاته وشمائله، وما لقيه في دعوته من المِحَنِ والشدائد، وهو صبَّار على طاعة الله وعن محارمه وعلى أقداره، شكورٌ قائمٌ بحقوق الله يشكر اللهَ على نعمه، كُلُّ ذلك من التذكير بأيَّام الله، وجاء تأييدهم لذلك بما ورد في صحيح مسلم: أنَّ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم سُئِلَ عن صوم الاثنين؟ فقال: «فِيهِ وُلِدْتُ، وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ» (23 ( http://**********%3cb%3e%3c/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_23%27%29)) ، ووجهه يدلُّ على شرف ولادته صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، ويفيد شرعية الاحتفال بمولده، كما احتجُّوا على جواز المولد بأنَّ أبا لهب يُخفَّف عنه العذاب كلَّ اثنين لأنَّه أعتق ثويبة إثر بشارتها له بولادة النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم على ما جاء في البخاري: «قَالَ عُرْوَةُ: وَثُوَيْبَةُ مَوْلاَةٌ لأَبِي لهَبٍ وَكَانَ أَبُو لَهبٍ أَعْتَقَها فَأَرْضَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهبِ أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ، قَالَ لَهُ: مَاذَا لَقِيتَ؟ قَالَ أَبُو لَهبٍ: لَمْ ألْقَ بَعْدَكُمْ غَيْرَ أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ» (24 - ( http://**********%3cb%3e%3c/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_24%27%29)) ، ولَمَّا كان فرحه بولادة النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم سببًا في تخفيفِ العذاب عنه فذلك دليلٌ على جواز الفرح والابتهاج بيوم مولِدِه والاحتفال به (25 ( http://**********%3cb%3e%3c/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_25%27%29)) ؛ ولأنَّ الغرض من إقامة مولده صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - كما قرَّره أهل الطرق - هو شُكْرُ الله على نعمة إيجاده، وتخصيص شكر الله تعالى عليه إنما يكون بإقامة الولائم وإطعام الطعام والتوسعة على الفقراء - زعموا -، فضلاً عن أعمال البِرِّ الأخرى النافعة كالاجتماع على قراءة القرآن وتلاوته، والذِّكْرِ والصلاة على النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وسماع شمائله الشريفة وقراءة سيرته العطرة؛ كُلُّ ذلك - عندهم - محمودٌ غيرُ محظورٍ بل مطلوبٌ إحياءً للذِّكرى، معلِّلين ذلك بما حثَّ الرسولُ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أُمَّته على صومِ عاشوراءَ شُكْرًا للهِ على نجاةِ موسى ومن معه، فإنَّ ذلك كُلَّهُ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير