تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أمَّا شبهتهم بالحديث فغاية ما يدلُّ عليه الترغيب في الصيام يوم الاثنين (33 ( http://**********%3cb%3e%3c/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_33%27%29)) وقد اكتفى به، وما كفى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يكفي أُمَّتَه، وما وسعه يسعها، ولذلك كان شكر الله على نعمة ولادته بنوع ما شكر به صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم إنَّما يكون في هذا المعنى المشروع، ومن ناحية أخرى أنَّ يوم الاثنين الذي هو يوم مولده صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم ومبعثه - كما ورد في الحديث - وافق يوم وفاته بلا خلاف (34 ( http://**********%3cb%3e%3c/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_34%27%29)) ، وعلى المشهور - أيضًا - أنَّ ولادته ووفاته كانتَا في شهر ربيع الأول، فلماذا يفرح الناس بولادته ولا يحزنون على وفاته، إذ ليس الفرح أولى من الحزن فيه، علمًا بأنَّ وفاتَه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم مِن أعظم ما ابتلي به المسلمون، وأفجعِ ما أُصيبت به أُمَّة الإسلام، قال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّمَا أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، -أَوْ مِنَ المُؤْمِنِينَ- أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَلْيَتَعَزَّ بِمُصِيبَتِهِ بِي، عَنِ المُصِيبَةِ الَّتِي تُصِيبُهُ بِغَيْرِي، فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِي لَنْ يُصَابَ بِمُصِيبَةٍ بَعْدِي، أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُصِيبَتِي» (35 ( http://**********%3cb%3e%3c/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_35%27%29)) .

قال ابن الحاج المالكي -رحمه الله-: «العجب العجيب كيف يعملون المولد بالمغاني والفرح والسرور - كما تقدَّم - لأجل مولده صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في هذا الشهر الكريم، وهو صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم فيه انتقل إلى كرامة ربِّه عزَّ وجلَّ، وفُجعت الأُمّة وأُصيبت بمصاب عظيم لا يعدل ذلك غيرها من المصائب أبدًا، فعلى هذا يتعيَّن البكاء والحزن الكثير، وانفراد كُلِّ إنسان بنفسه لما أصيب به لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «ليعزّى المسلمون في مصائبهم المصيبة بي»» (36 ( http://**********%3cb%3e%3c/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_36%27%29)) .

وليس لليوم الثاني عشر من ربيع الأول - إن صحَّ أنّه مولده - من ميزةٍ دون الأيام الأخرى؛ لأنّه لم يُنقل عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أنّه خصَّصه بالصيام أو بأيِّ عملٍ آخرَ، ولا فعله أهلُ القرون المفضَّلة من بعده، فدلَّ ذلك على أنَّه ليس له من فضلٍ على غيره من الأيام.

وحقيقٌ بالتنبيه أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومَن معه من الصحابة الكرام أجمعوا على ابتداء التقويم السنوي الإسلامي من التاريخ الهجري، وقد خالفوا في ذلك النصارى في البداءة حيث ابتدأوا تقويمَهم السَّنوي من يوم ولادة المسيح عيسى عليه السلام فعن سعيد بن المسيِّب قال: «جمع عمرُ الناسَ فسألهم: من أيِّ يوم يكتب التاريخ؟ فقال علي بن أبي طالب: مِن يوم هاجر رسولُ الله وترك أرضَ الشرك، ففعله عمر رضي الله عنه» (37 - ( http://**********%3cb%3e%3c/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_37%27%29)) .

ولم يُنقل عنهم أنهم اتخذوا مولِدَه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم ولا مبعثَه ولا هجرتَه ولاَ وفاتَه عيدًا يحتفلون به، كما أنَّهم لم يقتدوا بالنصارى في وضع التاريخ الإسلامي، إذ المعلوم أنَّ من سنَّة النصارى اتخاذ موالد الأنبياء أعيادًا، فكيف العدول عن سُنَن الخلفاء الراشدين المهديِّين والاستنان بسُنَّة النصارى الضالين؟! وقد قال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» (38 ( http://**********%3cb%3e%3c/b%3E:AppendPopup%28this,%27pjdefOutline_38%27%29)) .

ولا يخفى أنَّ سبيل الصحابة رضي الله عنهم حقّ لازم اتباعه وقد جاء الوعيد بمخالفة اتباع غيرِ سبيل المؤمنين في قوله تعالى: ?وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا? [النساء: 115].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير