قال الإمام القرطبي في تفسيره (1\ 381): «قوله تعالى {مِنْ آلِ فِرْعَوْن}: آل فرعون قومه وأتباعه وأهل دينه. وكذلك آل الرسول ?: من هو على دينه وملته في آلاف وسائر الأعصار سواء كان نسيباً له أو لم يكن. ومن لم يكن على دينه وملته، فليس من آله ولا أهله، وإن كان نسيبه وقريبه. خلافاً للرافضة حيث قالت: إن آل رسول الله ? فاطمة والحسن والحسين فقط. ودليلنا قوله تعالى {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ} {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} أي آل دينه. إذ لم يكن له ابنٌ ولا بنتٌ ولا أبٌ ولا عمٌّ ولا أخٌ ولا عُصبة. ولأنه لا خلاف أن من ليس بمؤمن ولا موحد، فإنه ليس من آل محمد، وإن كان قريباً له. ولأجل هذا يقال إن أبا لهب وأبا جهل ليسا من آله ولا من أهله، وإن كان بينهما وبين النبي ? قرابة. ولأجل هذا قال الله تعالى في ابن نوح: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}. وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله ? غير سرِّ يقول: ألا إن آل أبي –يعني فلان (طالب) – ليسوا لي بأولياء، إنما وليّ الله وصالح المؤمنين».
وقد أخرج البخاري في "التاريخ الكبير" (8\ 187): وقال محمد بن يزيد نا الوليد بن مسلم قال نا أبو عمرو –هو الأوزاعي– قال حدثني أبو عمار سمع واثلة بن الأسقع يقول: نزلت {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت} قلت (واثلة): «وأنا من أهلك؟». قال (رسول الله ?): «وأنت من أهلي». قال: «فهذا من أرجى ما أرتجي».
وأخرج ابن حبان في صحيحه (15\ 432): أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم (دحيم، ثقة ثبت) حدثنا الوليد بن مسلم (ثقة ثبت) وعمر بن عبد الواحد (ثقة) قالا حدثنا الأوزاعي (ثقة ثبت) عن شداد أبي عمار (ثقة ثبت) عن واثلة بن الأسقع قال: سألت عن علي في منزله، فقيل لي ذهب يأتي برسول الله ?. إذ جاء، فدخل رسول الله ? ودخلت. فجلس رسول الله ? على الفراش، وأجلس فاطمة عن يمينه وعلياً عن يساره وحسناً وحُسَيناً بين يديه، وقال: «{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً}. اللهم هؤلاء أهلي». قال واثلة: فقلت من ناحية البيت: «وأنا يا رسول الله، من أهلك؟». قال: «وأنت من أهلي». قال واثلة: «إنها لمن أرجى ما أرتجي». وهذا حديثٌ صحيحٌ على شرطَيّ البخاري ومسلم.
وهذا صريحٌ في أن الآية غير خاصة في عليٍّ وبنيه. بل هي عامة لمن اتبع النبي ? بدليل دخول واثلة فيه. أي أن أهل البيت هم نفسهم آل محمد (أي أتباعه). وهذا لا يتعارض مع ما صحّ عن ابن عباس ?: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت} قال: «نزلت في نساء النبي ? خاصة». فإن الآية نزلت في الأزواج خاصة، ولا مانع أن تشمل غيرهن كذلك.
ـ[أبو محمد الجعلى]ــــــــ[28 - 08 - 09, 07:32 م]ـ
ويشهد لذلك إجماع العلماء أن الكفار من ذرية محمد ? ليسوا من آله ولا من أهله. قال الله –سبحانه وتعالى–: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (هود:46). فخرج أن يكون ابن نوحٍ من أهله لأنه كافر، رغم أنه ولده من صلبه.
روى الإمام "مسلم" في صحيحه: عن ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَجَاءَ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ، فَقَالَ: (السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا "مُحَمَّدُ"). فَدَفَعْتُهُ دَفْعَةً كَادَ يُصْرَعُ مِنْهَا، فَقَالَ: (لِمَ تَدْفَعُنِى؟) فَقُلْتُ: (أَلاَ تَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ). فَقَالَ الْيَهُودِىُّ: (إِنَّمَا نَدْعُوهُ بِاسْمِهِ الَّذِى سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ). فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اسْمِى "مُحَمَّدٌ" الَّذِى سَمَّانِى بِهِ أَهْلِى». فَقَالَ الْيَهُودِىُّ: (جِئْتُ أَسْأَلُكَ). فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَيَنْفَعُكَ شَىْءٌ إِنْ حَدَّثْتُكَ». قَالَ: (أَسْمَعُ بِأُذُنَىَّ) فَنَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِعُودٍ مَعَهُ. فَقَالَ: «سَلْ» ... الحديث.
ألا يصح بذلك الشيخ الفاضل، تسمية العشيرة الكافرة بالأهل من جهة النسب، لا من جهة الملة والدين ..
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 - 08 - 09, 01:07 ص]ـ
نعم بارك الله بك.
ـ[ابو مريم السلفى]ــــــــ[29 - 08 - 09, 04:01 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذا البحث المفيد
ولكن الرابط اعلاه لا يحوى شئ مفيدا ربما موقع معطل
ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[01 - 09 - 09, 09:56 م]ـ
1–
وقد ثبت بالحديث الصحيح التّصريح بأن هذه الآية قد نزلت في شأن نساء النبي ? خاصة دون غيرهن ..
كلامك ايها الفاضل عليه جملة مؤاخذات، لكنني أحب ان اقف الآن حول كلمتك هذه التي اقتبستها من موضوعك فهي صريحة في اخراج علي وفاطمة وولديهما بل ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من آية التطهير!
سلمنا جدلا. فأخبرني عن حديث الكساء المشهور من رواية مسلم وغيره وفيه أنه قرأ ــ وليس دعا كما في روايتك المغموصة ــ (انما يريد الله ان يذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) وفي بعض الروايات الصحيحة قال (اللهم هؤلا اهل بيتي ... ). ماذا نصنع به؟
¥