تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[معاني الوصية بكتاب الله عزوجل وأوجهها.الشيخ العلامة ابن عثيمين.]

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[09 - 03 - 08, 09:24 م]ـ

بوب البخاري في صحيحه: باب الوصية بكتاب الله عزوجل.

ثم أسند الإمام البخاري – رحمه الله تعالى – في صحيحه قال:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى:

آوْصَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟

فَقَالَ: لَا.

فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ؟! أُمِرُوا بِهَا وَلَمْ يُوصِ؟!

قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ.

قال الشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله تعالى - في شرح " كتاب فضائل القرآن " من صحيح البخاري:

[الوصاة بكتاب الله – عزوجل – تشمل وجوها كثيرة:

منها: الوصاة بحفظه حتى لا يضيع، والحفظ نوعان: حفظ في الصدور، وحفظ في المسطور يعني في الكتاب، فعلى المسلمين أن ينفذوا وصية النبي – صلى الله عليه وسلم – بحفظ القرآن في صدورهم ومسطورهم.

ثانيا: الوصية بتصديق أخباره، فإنّ من كذّب خبرا من أخبار القرآن، فإنه قد انتقص القرآن، لأن الكذب من الأوصاف الذميمة، القبيحة التي يستهجنها حتى الكفار في كفرهم.

ثالثا: الوصاة بالعمل به، بحيث لا نهجره، فإن هجر العمل بالقرآن هجرٌ للقرآن، {وقال الرسول يا رب إنّ قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا}.

رابعا: الدفاع عنه، بحيث نرد تحريف المبطلين الذين يفسرون القرآن بآرائهم، وأهوائهم، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار، والعياذ بالله.

خامسا: بإكرامه وتعظيمه، بحيث لا نضعه في مكان يُمتهن، وإذا وجدناه في مكان يحتمل الامتهان رفعناه، فهذا لا شك من الوصية به.

وكذلك من إكرامه ألا نرضى أن أحدا يقوم بتمزيقه، وإتلافه، كأنما هو عنده خرقة يقطّعها كما يشاء!.

ومن إكرامه أيضا ألا نسمح لأنفسنا ولا لغيرنا بأن يصيبه أذى أو قذر، كالنجاسة وشبهها، فإذا قُدّر أن سقط عليه نجاسة فإننا نزيلها عنه، ونحميه منها.

ومن تعظيمه أيضا ألا نمسه إلا على طهر، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((لا يمس القرآن إلا طاهر)).

كلُّ هذا داخل في وصية النبي – صلى الله عليه وسلم – إيانا لكتاب الله.

إذا تأملت هذه المسألة، وعِظَمها استعظَمْتها في نفسك، أن الرسول عليه الصلاة والسلام أوصاك وصية خاصة بكتاب الله عزوجل، من هذه الوجوه و من غيرها أيضا، فالزم هذه الوصية واعمل بها، واحترم كلام الله عزوجل.

ومن ذلك أيضا ألا نتخذه هزوا ولعبا، بحيث نجعله بدلا من كلامنا!، مثل لو استأذن عليك مُسْتأذِن، قلت: " ادخلوها بسلام آمنين! ".

اسم ابنك يحيى، إذا خاطبته قلت: "يا يحيى خذ الكتاب بقوة! " .. وهكذا.

فإنَّ جَعْل القرآن بدلا من الكلام محرم، لما في ذلك من ابتذال للقرآن وامتهانه.

ومن هذا أيضا، ما يفعله بعض الناس، يكتب القرآن في الأواني، أو في المناديل، أو على ألحِفة الموتى!، أو ما أشبه ذلك، فإن هذا كله من امتهان القرآن؛ فالأواني مثلا تُرمى، يرميها الطفل، وربما يرميها الكبير أيضا، وتُمْتهن بالشرب بها، وما أشبه ذلك.

وتلحيف الموتى بها، أيضا امتهان، لأن الميت ليس أكرم من الحي، وكل أحد يستقبح أن يجعل الحيُّ اللحافَ، لحافَه الذي يتغطى به عند النوم مكتوبا عليه شيئا من كلام الله، فالميت من باب أوْلى، والميت لا ينتفع بهذا، ولا بقراءة القرآن عنده، لأنه ليس حيا يستمع فينتفع، أو يقرأ فينتفع، بل هو ميت.

المهم أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أوصانا بكتاب الله -.

من الوصية:

سادسا: أن نحرص على فهم معانيه، وتدبرها، لأن القرآن إنما نزل لذلك في الواقع؛ ((كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته))، ولأنه لا يمكن العمل به حقيقة إلا بالتدبر،إذ أنك إن لم تتدبره لم تفهم معانيَه، وإذا لم تفهم معانيه فكيف يمكن أن تعمل به؟!.

وكذلك في الأخبار لا يمكن أن تنتفع بالقسط أو الخبر إلا إذا فهمت المعنى؛ وقد مر معنا في العام الماضي في رسالة (أصول التفسير)، التي ألفها شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -، قال: إن الناس لو كُلّفوا بقراءة كتاب من الطب أو من النحو، هل يقرؤونه هكذا؟ أو يستشرحونه ويبحثون في معناه حتى يستفيدوا منه؟

الثاني، إذن فكتاب الله من باب أولى، أن نحرص عليه، وأن نتفهم معانيه في أخباره، وأحكامه].

انتهى من (شرح كتاب فضائل القرآن) من صحيح البخاري. شريط (3).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير