[التسول والشحاذة في أماكن العبادة]
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[10 - 03 - 08, 12:33 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أما بعد:
حث دين الإسلام على الصدقات والإنفاق في سبيل الله عز وجل في نصوص كثيرة لا تعد،
قال تعالى: {من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون}
ورغب الإسلام في تفقد أحوال الفقراء والمساكين والمحتاجين، وحث على مساعدتهم
فقال تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين ... الآية} وقال تعالى: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله خبير بما تعملون}
وقال تعالى: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين} ..
ولا يخفى على المسلم فوائد الصدقات وبذل المعروف للمسلمين، والإحسان إلى الفقراء والمساكين والمعوزين. لكن من الظواهر السيئة التي تنتشر اليوم في بلاد المسلمين وغيرها، ظاهرة التسول والشحاذة، لاسيما في أوقات العبادات كشهر رمضان أو في أماكن العبادات كالمساجد والأماكن المقدسة في الحرمين وغيرهما. ولابد أن يعرف الجميع أن المساجد لم تبن لجمع المال والتشويش على المصلين برفع الأصوات والسؤال وهم يصلون أو يذكرون الله تعالى، واستعطافهم من أجل البذل والعطاء، بل الغاية منها أعظم من ذلك بكثير، فالمساجد بيوت عبادة المسلمين، وإقامة ذكر الله جل شأنه، والصلاة وإقامة المحاضرات والدروس العلمية، قال تعالى: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والأصال} .. وقال لمن نشد الضالة بمسجده: «إن المساجد لم تبن لهذا».فالواجب على الجميع احترام بيوت الله تعالى وحفظها وصيانتها عن كل ما يدنسها أو يثير اللغط والجدل والكلام غير اللائق بها، فليست بأماكن للكسب والارتزاق وجمع حطام الدنيا ولا مكاناً للتسول ورفع الصوت ولغط الكلام، ولذا قال العلماء: يحرم سؤال الناس فيها أموالهم. وأقرب ما تقاس عليه مسألة التسول في المساجد، مسألة نشدان الضالة، والجامع بينهما: البحث والمطالبة بأمر دنيوي، فناشد الضالة يبحث عن ماله دون شبهة، ومع ذلك أمر الشارع الكريم كل من في المسجد بأن يدعو عليه: بأن لا يجد ضالته، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله يقول: «من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا» (أخرجه مسلم).والمتسول أشد، إذ إنه يطلب مال غيره! والشبهة قائمة ألا يكون محتاجاً أصلاً؟! إنما يسأل الناس تكثراً والعياذ بالله، وأجدر ألا يعطى عقوبة ونكالاً له. والعجب عندما ترى رجلاً أو شاباً قوياً وهو يردد كلمات اعتدنا عليها لكثرة تكرارها، فيقف أمام الناس ويسأل!! وبعضهم قد أتقن هذه الصنعة، وتفنن فيها بأنواع الأساليب! وأصناف المكر والدهاء! والأمر كذلك بالنسبة للنساء اللواتي يأتين إلى بيوت الله تعالى لممارسة الشحاذة والتسول وهذا أمر خطير، لأن أولئك النساء اللاتي يأتين إلى بيوت الله تعالى ويدخلن مساجد الرجال ويجلسن فيها بغير صلاة!! وتقام الصلاة ولا يصلين! بل ولا تصلي مع النساء، بل تركت الصلاة وأخرتها عن وقتها من أجل أن تجمع شيئاً من حطام الدنيا وحفنة من المال، وهذه مخالفة شرعية أخرى! فهؤلاء لا يجوز شرعاً إعطاؤهم لما في ذلك من إعانة لهم على معصية الله تعالى، ومن فعل ذلك وقام بإعطائهم فقد ارتكب إثماً لما في ذلك من الإعانة لهم على الباطل، والإقرار لهم على المنكر، وتشجيع النساء على ارتياد أماكن الرجال وترك الصلاة. وقال الإمام البغوي - رحمه الله: وقد كره بعض السلف المسألة في المسجد، وكان بعضهم لا يرى أن يتصدق على السائل المتعرض في المسجد (شرح السنة 2/ 375).والأئمة الأربعة فيه بين الكراهة والتحريموقد منعت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التسول في المساجد وحسناً فعلت، ومثلها وزارة الداخلية. وكم من الفقراء من يتعفف عن سؤال الناس والتعرض لهم مع حاجته وفقره، وقد امتدحهم الله تعالى بذلك
فقال تعالى: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافاً .. } الآية ..
قال الإمام ابن كثير - رحمه الله: الجاهل بأمرهم وحالهم يحسبهم أغنياء من تعففهم في لباسهم وحالهم ومقالهم، وفي هذا المعنى الحديث المتفق عليه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: «ليس المسكين الذي لا يجد غني يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يسأل الناس شيئا
""مجلة الفرقان ,, العدد472
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[08 - 07 - 08, 04:29 م]ـ
............