وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْخُطْبَةَ بَلْ قَصَدَ الرَّدَّ عَلَى مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْكُسُوفَ بِسَبَبِ مَوْتِ أَحَدٍ مُتَعَقِّبٌ بِأَنَّ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ " فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ " وَفِي رِوَايَةٍ " وَشَهِدَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ " وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " أَنَّهُ ذَكَرَ أَحْوَالَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَغَيْرَ ذَلِكَ "، وَهَذِهِ مَقَاصِدُ الْخُطْبَةِ ...
وقال الشوكاني في نيل الأوطار (4/ 14):
وفيه ذكر الخطبة وأجاب بعضهم بأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقصد لها الخطبة بخصوصها وإنما أراد أن يبين لهم الرد على من يعتقد أن الكسوف لموت بعض الناس وتعقب بما في الأحاديث الصحيحة من التصريح بها وحكاية شرائطها من الحمد والثناء وغير ذلك مما تضمنته الأحاديث فلم يقتصر على الإعلام بسبب الكسوف والأصل مشروعية الإتباع والخصائص لا تثبت إلا بدليل.
وقال العثيمين في الشرح الممتع (5/ 249): وقولهم: إن هذه موعظة؛ لأنها عارضة. نقول: نعم، لو وقع الكسوف في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم مرة أخرى، ولم يخطب لقلنا: إنها ليست بسنة، لكنه لم يقع إلا مرة واحدة، وجاء بعدها هذه الخطبة العظيمة التي خطبها وهو قائم، وحمد الله وأثنى عليه، وقال: أما بعد، ثم إن هذه المناسبة للخطبة مناسبة قوية من أجل تذكير الناس وترقيق قلوبهم، وتنبيههم على هذا الحدث الجلل العظيم.
وقال في شرح رياض الصالحين –دار البصيرة - (1/ 365):
واختلف العلماء_ رحمهم الله_ في خطبة صلاة الكسوف، هل هي راتبة أو عارضة، وسبب اختلافهم: إن الكسوف لم يقع في عهد النبي صلي الله عليه وسلم إلا مرة واحدة، ولما صلي قام فخطب الناس عليه الصلاة والسلام، فذهب بعض العلماء فذهب بعض العلماء إلى إنها من الخطب الراتبة، وقال: إن الأصل إن ما شرعه النبي صلي الله عليه وسلم فهو ثابت مستقر، ولم يقع الكسوف مرة أخرى فيترك النبي صلي الله عليه وسلم الخطبة، حتى نقول إنها من الخطب العارضة. وقال بعض العلماء: بل هي من الخطب العارضة، التي إن كان لها ما يدعوا إلها خطب وإلا فلا، ولكن الأقرب إنها من الخطب الراتبة، وانه يسن للإنسان إذا صلي صلاة الكسوف إن يقوم فيخطب الناس ويذكرهم ويخوفكم كما فعل النبي صلي الله عليه وسلم.
وراجع لقاء الباب المفتوح [15] يوم الخميس، السادس عشر من شهر جمادى الآخرة عام (1413هـ)
التعليق الثالث عشر:
تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ص 291
الحديث رقم 147 - عَنْ عَبْدِ الله بن عَاصِم المَازنيِّ قال: خَرَج النبي صلى الله يَسْتَسْقِي، فَتَوَجَّهَ إلى القِبلَةِ يَدْعُو، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ ثُمَّ صَلَّى رَكعَتَين جَهَرَ فِيهِمَا بالقِرَاءَةِ، وفي لفظ: أتَى المُصَلَّى.
قال الشيخ آل بسام:
1 - مشروعية صلاة الاستسقاء، وأجمع العلماء على استحبابها اٍلا أبا حنيفة فإنه يرى أن الاستسقاء يشرع بمجرد الدعاء، وخالفه أصحابه. ص 292
قلت: هذه الفقرة تحتاج إلى شيء من التعديل والتغيير حتى تنضبط،إذ لا يصح أن يكون هناك إجماع مع وجود استثناء،علماً بأن الإجماع حكي في مشروعية الخروج للاستسقاء لا على استحباب الصلاة،مع تحقيقٍ لمذهب الإمام أبي حنيفة. وعليه أقول:
أجمع العلماء على أن الخروج إلى الاستسقاء، والبروز عن المصر، والدعاء إلى الله تعالى، والتضرع إليه في نزول المطر سنة سنها رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
واختلفوا في الصلاة في الاستسقاء، فالجمهور على أن ذلك من سنة الخروج إلى الاستسقاء إلا أبا حنيفة، فإنه قال: ليس من سنة الصلاة.
راجع: بداية المجتهد (1/ 171)، والاستذكار (2/ 426)، وشرح النووي على مسلم (6/ 187)، وفتح الباري (2/ 492) وفيه قال الحافظ: لكن حكى القرطبي عن أبي حنيفة أيضا أنه لا يستحب الخروج وكأنه اشتبه عليه بقوله في الصلاة.
موقف الإمام أبو حنيفة من صلاة الاستسقاء:
قال الكاساني في بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (3/ 119):
(فَصْلٌ: وَأَمَّا صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ).
¥