قال النووي: .. وهذا الذي ذكرناه من استحباب الاسراع بالمشي بها وأنه مراد الحديث هو الصواب الذي عليه جماهير العلماء ونقل القاضي عن بعضهم أن المراد الاسراع بتجهيزها اذا استحق موتها وهذا قول باطل مردود بقوله صلى الله عليه و سلم فشر تضعونه عن رقابكم .. شرح النووي على مسلم (7/ 13)
وقال الحافظ في فتح الباري:والمراد بالإسراع شدة المشي وعلى ذلك حمله بعض السلف .. (3/ 184)
وقال ابن عبدالبر: عن النبي صلى الله عليه و سلم قال أسرعوا بالجنازة فإن تكن صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تكن غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم قال ابو عمر تأول قوم في هذا الحديث تعجيل الدفن لا المشي وليس كما ظنوا وفي قوله شر تضعونه عن رقابكم ما يرد قولهم .. التمهيد (16/ 33)
وهذا قول البيهقي في السنن الكبرى (4/ 21) 92 - باب الإِسْرَاعِ فِى الْمَشْىِ بِالْجَنَازَةِ، واختيار القرطبي في تفسيره (4/ 300)، والعراقي في طرح التثريب (4/ 290).
وقال الشيخ عطية محمد سالم: يقول صلى الله عليه وسلم: (أسرعوا بالجنازة) كلمة (أسرعوا) تحتمل كما أسلفنا: سرعة تجهيزه، ويحتمل الإسراع في المشي به عند حمله، ولكن المعنى الثاني أرجح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (تقدمونها إليه) هذه مشتركة، وقوله (شرٌ تضعونه عن رقابكم) والشر الذي نضعه عن الرقاب هو ساعة الحمل حينما نحمله. إذاً: السنة في تشييع الجنائز الإسراع بها ... شرح بلوغ المرام (2/ 260) من الشاملة.
القول الثاني: المبادرة بتجهيزها والصلاة عليها وأن لا نتباطأ بذلك،وهذا قول بعض أهل العلم.
قال ابن بطال في شرح البخاري: وقد تأول قوم فى قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أسرعوا بالجنازة» إنما أراد تعجيل الدفن بعد استيقان الموت، واحتجوا بحديث الحصين بن وَحْوَح: «أن طلحة بن البراء مرض، فأتاه الرسول يعوده، فقال: «إنى لا أرى طلحة إلا وقد حدث به الموت، فآذنونى به وعجلوا، فإنه لا ينبغى لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهرانى أهله». وكل ما احتمل فليس يبعد فى التأويل. (5/ 333)
وقال السندي في حاشيته على النسائي: أسرعوا بالجنازة ظاهره الأمر للحملة بالإسراع في المشي ويحتمل الأمر بالإسراع في التجهيز وقال النووي الأول هو المتعين لقوله فشر تضعونه عن رقابكم ولا يخفى أنه يمكن تصحيحه على المعنى الثاني بأن يجعل الوضع عن الرقاب كناية عن التبعيد عنه وترك التلبس به .. (4/ 42) 1910
وقال السعدي في بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار: فقوله صلى الله عليه وسلم: «أسرعوا بالجنازة»، يشمل الإسراع بتغسيلها وتكفينها وحملها ودفنها) وجميع متعلقات التجهيز، ولهذا كانت هذه الأمور من فروض الكفاية .. (1/ 119)
قال العثيمين في الشرح الممتع على زاد المستقنع قوله: «وإسراع تجهيزه إن مات غير فجأة»، هذا هو الأمر الثامن، وهو: الإسراع في تجهيز الميت، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم»، لكن ظاهره فيما لو كانت محمولة؛ لأن قوله: «فشرٌّ تضعونه عن رقابكم» ظاهر: في أن المراد بذلك الإِسراع بها حين تشييعها. لكن نقول: إذا كان الإِسراع في التشييع مطلوباً مع ما فيه من المشقة على المشيعين، فالإِسراع في التجهيز من باب أولى. أما حديث: «لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله»، فهو ضعيف. (5/ 257)
وهو قول الصنعاني في سبل السلام (3/ 123)، والشوكاني في نيل الأوطار (4/ 114)،و به أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (8/ 429) الفتوى رقم (1705)
قلت: والصحيح أن حديث الباب لا يفيد غير ما ذهب إليه أصحاب القول الأول بالنص والظاهر، وهو قول الأكثر من أهل التحقيق والتدقيق في الفقه،وأما المبادرة بتجهيزها فذاك يؤخذ من أحاديث أخرى - وإلى هذا التفصيل ذهب إليه الشيخ العباد في شرحه لسنن أبي داود - قال الحافظ في فتح الباري (3/ 184):ويؤيده حديث بن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره أخرجه الطبراني بإسناد حسن ولأبي داود من حديث حصين بن وحوح مرفوعا لا ينبغي لجيفة مسلم أن تبقى بين ظهراني أهله الحديث ...
¥