تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولعل من أغرب وأعجب وأطرف المواقف في نصرة النبي r ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في مؤلفه المشهور ”الصارم المسلول على شاتم الرسول r“ وذكره ابن كثير في البداية والنهاية: بأن الجن الذين آمنوا بالنبي r كانت تقصد من سبَّه من الجن كفارهم فيقتلونه، فيقرُّها r على ذلك، ويشكر لها ذلك! ونُقِل عن أصحاب المغازي أن هاتفًا هتف على جبل أبي قبيس بشِعرٍ فيه تعريضٌ بالنبي r، وتنقصٌ لدينه، قال ابن عباس t فأصبح هذا الشعرُ حديثاً لأهل مكة يتناشدونه بينهم فقال رسول الله r: هذا شيطانٌ يكلم الناسَ في الأوثان يقال له مِسْعَر واللهُ مُخْزِيه، فمكثوا ثلاثةَ أيامٍ، فإذا هاتفٌ يهتف على الجبل نفسه يقول:

[نحن قتلنا في ثلاثٍ مِسْعرا * إذ سَفَّهَ الحقَّ وسَنَّ المنكرا]

[قنّعتُهُ سيفًا حُسامًا مُشْهَرا * بشتمه نبيَّنا المطهرا].

فقال رسول الله r: هذا عفريتٌ من الجن اسمه سمحج آمن بي، سميته: عبد الله أخبرني أنه في طلبه منذُ ثلاثة أيامٍ حتى قتله، فقال علي t: جزاه الله خيرا يا رسول الله.

يا عباد الله: لا تعجبون! فالنبي r بُعِث للإنس والجن، وقد يتفاعل الجنُّ أحياناً أشدَّ من تفاعل الإنس، قال I? وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ?،

وقرأ رسول الله r ذات مرةٍ على أصحابه t سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا، فقال r: « لقد قرأتُها على الجن، فكانوا أحسنَ مردوداً منكم-وفي رواية البزار-ما لي أسمع الجنَّ أحسنَ جواباً لربِّها منكم، كلما أتيت على قوله: ?فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ? قالوا: لا بشيءٍ من نعمك ربَّنا! نكذب، فلك الحمد» رواه الترمذي وحسنه الألباني.

يا عباد الله: هذه مواقف عجيبة من امرأةٍ وطفلٍ وفاسقٍ وكلبٍ وجنيٍّ كلهم سعوا في نصرة رسول الله r، وذبوا عن عرضه.

فأين الرجال؟ أين الأبطال؟ ماذا بقي في الأمة من حس؟ وماذا بقي فيها من غيرة؟ ?إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا?

فليعلم المسلم أنه بتصديه لهذه الحملة الشرسة، إنما يسجل اسمه في سجل المخلصين للدين، والمحبين للنبي الكريم، أما رسول الله r في حقيقته فلن يؤذى، ولن يناله سوء أبداً، وكل ما حدث إنما هو كالغبار الذي يظن مثيره أنه سيغطى به نور الشمس?يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ?.

إن ما حدث من سخرية آثمة برسولنا الكريم r إنما ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، لتفيق هذه الأمة من رقدتها، لتنهض من غفلتها، لتبرهن على صدق محبتها لرسول الله r ? قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ?

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير