تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[بين اتباع الدليل وتقليد الائمة----للعلوان]

ـ[المختار]ــــــــ[28 - 01 - 03, 08:46 م]ـ

المؤلف: سليمان بن ناصر العلوان

الحمد لله رب العالمين، أما بعد ...

فقد سأل بعض الأخوة وقال: ما الحكم إذا تنازع اثنان في مسألة فقهية؟

فهل يحق لكل واحد منهما أن يأخذ بما قال إمام مذهبه؟ أم أنه يجب البحث عن الحق وما ينصره الدليل؟

أفتونا وجزاكم الله خير الجزاء ...

فأجبته:

إذا لم يكن في المسألة دليل ظاهر وكان مبني الحكم في المسألة على الاجتهاد فللمسلم أن يقتدي بمن يراه أعلم الناس وأورعهم (1) ولا حرج عليه في ذلك.

أما إذا كان في المسألة دليل فلا يجوز للمسلم أن يأخذ بما يقول إمامه إن كان مخالفاً للدليل، بل عليه أن يدع قول إمامه كائناً من كان إذا بلغه الدليل، لأنه الواجب على جميع الخلق.

وأقوال العلماء يحتج لها ولا يحتج بها، ويستعان بها في فهم النصوص وتصوير المسائل ونحو وذلك.

أما كونها حجة على كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، فلم يقل به أحد من الأئمة، بل هو مخالف للكتاب والسنة والإجماع.

وقد أمر الله تعالى باتباع كتابه وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة من القرآن، فقال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، وقال تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ} الآية.

وقد أوصى الأئمة رحمهم الله أصحابهم بعدم التقليد وأوجبوا عليهم الأخذ بالدليل لأنه الفرض واللازم على جميع المسلمين، فمن ظهر له الدليل وجب عليه اتباعه وترك ما عداه، قال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ}.

وقد شهد الله تعالى بالهداية لمن أطاع رسوله صلى الله عليه وسلم، كما في سورة النور: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}.

ومن ترك الدليل لقول أبي حنيفة أو مالك والشافعي أو أحمد فقد خالف الأصل الذي أجمع عليه المسلمون.

قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: (أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد).

وقال الإمام مالك رحمه الله تعالى: (ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك، إلا النبي صلى الله عليه وسلم).

وما يفعله بعض الناس من التعصب لإمام مذهب من ينتسبون إليه فهذا مخالف لهدي السلف ومخالف لما عليه أئمة المذاهب، فإنهم متفقون على ذم التقليد وذم التعصب، فالواجب على المسلم أن ينصر الدليل وأن يأخذ به، سواء كان مع المالكي أو الحنفي أو الشافعي أو الحنبلي أوالظاهري أو مع غيرهم، فلم يحصر الله تعالى الحق في هذه المذاهب، فاصحابها بشر يخطئون ويصيبون وليسوا بمعصومين من الزلل والخطأ.

قال الإمام الشافعي رحمه الله: (ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه، فمهما قلت من قول أو أَصلت من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت، فالقول ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قولي).

وقد تنازع الأئمة رحمهم الله تعالى في مسائل كثيرة في أحكام الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والبيوع والطلاق والظهار وغيرها فلم يقل أحد مِن أهل المعرفة والتحقيق أنه يجوز لكل أحد أن يأخذ بما يشاء من هذه المذاهب دون رجوع للأدلة، باستثناء المقلد العاجز عن معرفة الدليل.

ولو جاز لكل مسلم أن يذهب إلى ما يهوى ويشتهي من هذه الأقوال والآراء لكان الدين هو هذه المذاهب ولم يكن حينها للكتاب والسنة كبير فائدة، نعوذ بالله من ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير