إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[13 - 03 - 08, 10:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
لقد تَوَعَّدَ الله سبحانه مَنْ يُحاربونه ورسولَه بالإذلال، والنَّكال، والطرد، والتشريد في البلدان، فقال سبحانه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33]، وكذلك قال الله تعالى لِنبيه الكريم - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 95].
فمرة نسمع أنَّ مُعلِّمة إنجليزيَّة بالسودان تُسَمِّي دُميَة على هيئة دُبٍّ باسم (محمَّد)!! ومرَّة نُشاهِدُ رُسومًا مُسِيئةً هُنَا وهُنَاكَ!! ومرَّة اتّهامًا لرسولنا الكريم من قِبَل صناديد الصليبيين والمُتصهينين بأنه لم يأتِ إلا بما هو شرّ، وأنه نشر دينه بالسيف!!
هكذا؛ فالصّراع بين الخير والشر موجود إلى يوم القيامة؛ لكن ليعلمْ هؤلاءِ المعتدون أنَّ جزاءهم سيكونُ مِثْلَ جزاءِ أسلافِهم منَ الطُّغاة وأشدَّ نكالاً، فهذا عهدٌ من الله تعالى أَخَذَهُ على نفسه.
ومِنْ هُنَا فَكُلُّ مَن تُسوِّل له نفسه التَّرصُّد للهجوم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالله تبارك وتعالى له بالمِرْصاد؛ إذ يقول لنبيه: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 67].
حملة قديمة جديدة
مُنذ القِدَم والحملة الهجومية والعدائية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمة، وهو يعلم ذلك منذ بُشِّر بالنبوة، عندما قال له ورقة بن نوفل- رحمه الله - بعدما أخبره بخبر الوحي، فقال ورقة: "هذا النَّاموس الذي أُنزل على موسى، يا ليتني فيها جَذَعًا، ليتني أكون حيًّا إذ يُخْرجك قومك"، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أوَمُخْرجيَّ هم؟!))، قال ورقة: "نعم، لم يأتِ أحدٌ بما جئت به إلا أُوذِي، وإن يدركْنِي يومُكَ حيًّا أَنصُرْكَ نصرًا مؤزَّرًا ... "، فهو - عليه الصلاة والسلام - كان يعلم أن طريق الدعوة والدعاة ليس مفروشًا بالورود، ولْنستعرِضْ نماذجَ مِمَّن سبُّوا رسول الله - صلى الله وعليه وسلم - وننظر ماذا فَعَلَ اللَّهُ بِهِمْ، مِصْداقًا لقول الله - عزَّ وجل -: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 95].
عاقبة من قال للرسول: تبًّا لكُ
أبو لهب عمُّ النبيّ الكريم لما سَخِرَ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واسْتَهْزَأ به، وقال له عندما دعاه الرسول للإسلام: "تبًّا لك يا محمَّدُ أَلِهَذَا جَمَعْتَنا!! "، وهكذا فعلتْ زوجُه أمُّ جميل أَرْوَى بنتُ حرب، التي أخذت فِهْرًا من الأحجار؛ كي تضرب وجه النبي الكريم، وقالت تهجوه شعرًا:
مُذَمَّمًا عَصَيْنَا وَدِينَهُ أَبَيْنَا
• • • • •
فقال الله - عزَّ وجلَّ - في أبي لهب وزَوْجِهِ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ} [سورة المسد: 1 - 5].
الأسد ينتصر لرسول الله!!
إن عُتْبَةَ بنَ أبي لهب ذاك الكافرُ ابن الكافر، الذي تَجَرّأ وتفَل في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - وطلق ابنته، وآذاه أَشَدَّ الإيذاء، ومَزَّق قميصه، فدعا عليه النبي فقال: ((اللهم سَلِّطْ عليه كَلْبًا من كلابك))، فلمَّا ذهب للشَّام مع بعض التجَّار من قريش، ونامُوا فجاء أسدٌ بِاللَّيْلِ يَسْعَى فَطَافَ على كُلِّ النَّائِمِينَ يَشَمُّهم ثُمَّ يُعْرِض عنهم؛ ورآه ابن أبي لهب فقال: أصابتني والله دعوة محمَّد، قَتَلَنِي وهو بِمَكَّة وأنا بالشام، وما لَبِثَ الأسد أن وثب فوق المتاع، وشمَّ وجه اللعين فَضَرَبَهُ ضربةً قاتلة ثم أخذه
¥