تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يجره من رأسه وذهب به بعيدًا ليأكله، وانظر كيف أخذه من وجهه؛ لأنه تفل في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يأخذه من يديه أو رجليه؛ إنما من وجهه الذي تجرأ به على النبي صلى الله عليه وسلم.

عاقبة من وضع رِجْله على عُنق النبي أن تقطع عنقه

عُقْبَةُ بن أبي مُعَيْطٍ هو أشقى المشركين قاطبةً، وهو من تَجَرَّأَ على فِعْلَةٍ لم يجرؤ عليها حتى أبو جهل، حيث جاء والرسول ساجدٌ خَلْفَ المقام بالكعبة، فوضع رِجله على عنقه، وغمزها فما رفعها حتى كادت تخرج عيناه الشريفتان من مكانهما، ثم جاء مرة أخرى بِسَلا جَذُور فألقاه على ظَهْرِ النبيِّ الكريم، وهو ساجد فجاءت فاطمة فطرحته عن كتف أبيها.

فكانتْ عاقبته عندما وقع أسيرًا في غزوة بدر أن يؤخذ من بين الأسرى وتُضْرَب عُنُقه، ثم يُلْقَى في قَلِيب بدر العَفِنِ؛ لأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِقَتْل جَمِيعِ مُجْرِمي الحَرب ساعَتَهَا مِنْ بَين الأَسْرَى، وهذا جزاء من سَوَّلَتْ له نَفْسُه وَضْعَ قَدَمِهِ على العنق المبارك الشريف أن تقطع عنقه ويلقى في المزابل.

فرعون هذه الأمة .. أَذَلَّه الله

فرعون هذه الأمَّة هو أبو جهل، وقد كان من أكثر الناس مُعانَدةً ومحاربةً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأكثرهم طعْنًا وشَتْمًا وسبًّا له، وأمضى أبو جهل حياته كلها في مُعاداة وحرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فماذا كانت نهايته؟ وماذا فعل الله بهذا الفرعون؟!

أخذ أبو جهل جزاءَهُ في غزوة بدر كما روى عبدالرحمن بن عوف كيف تَمَّ ذلك، فيقول: "إني لواقِف يوم بدر في الصفِّ، فنظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بين غلامَينِ من الأنصار حديثة أسنانُهما، فتمنَّيْتُ أن أكون بين أَظْلَعَ منهما، يقصد أقوى منهما.

فغمزني أحدهما فقال: يا عم أتَعْرِف أبا جهل؟

فقلت: نعم وما حاجتُك إليه؟ قال: أُخْبِرْتُ أنه يَسُبُّ رسول الله، والذي نفسي بيده لَئِن رأيْتُه لا يُفَارِقُ سوادي سواده حتى يموت الأعجَلُ منا، فتعجبتُ لذلك!!

فغمزني الآخَرُ فقال لي أيضا مثلها ..

فلم أَنْشَبْ أن نظرتُ إلى أبي جهل، وهو يجول في الناس فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، فَشَدَّا عليه مثل الصَّقْرَيْنِ حتى ضرباه، وهما ابنا عَفْرَاءَ"!! ...

فهكذا انتصر أطفال الأنصار، وانتقموا مِمَّنْ سَبَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأين أطفال المسلمين اليوم منهم؟! وهكذا كانت نهاية هذا الفرعون المُتكَبِّر على يد أطفال صغار، ثم نادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس يوم بدر: اجْعَلُوا أبا جهل من قتلى بدْرٍ؛ فاستأْذَنَهُ ابْنُ مَسعود أن يأتي برأسه، وذَهَبَ وَوَجَدَهُ مَرْمِيًّا تَحْتَ الأقدام، وقَدْ دِيسَ بالنِّعال بعدما قُطِعتْ يَداهُ ورِجْلاهُ، وكان ابن مسعود صغيرَ الحجم دقيق الساقَيْنِ، فارتقى ووقف على صدْرِ عدُوّ اللَّه أبي جهل، وقال له: أخزاك الله يا عدو الله!! ألم يأنِ لك يا أبا جهل أن تُسلِم؟

فقال له: لقدِ ارْتَقَيْتَ اليوم مُرتقًى صعبًا يا رُوَيْعِيَ الغَنَم، فناوله ابن مسعود السيف وجَزَّ رأسه، وجاء به يجرُّه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كبَّر وكبَّر الصحابة -رضوان الله عليهم-: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33].

عصى النبي كِبْرًا فَشَلَّتْ يَدُهُ

رُوِيَ عن سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ - رضي الله عنه - قال: "أكل رجلٌ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشِماله فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كُلْ بيمينك) قال: "لا أستطيع" - قالها كِبْرًا وتَرَفُّعًا - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا استطعْتَ))، فما رفعها إلى فيه؛ أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.

هكذا كان جزاء من عصا رسول الله تكبُّرًا وتعاليًا أن شَلَّتْ يده.

لفظت الأرض من بطنها المُرتَدَّ المستهزِئَ برسول الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير