[الإيضاح والشروق وإظهار بعض الفروق ..]
ـ[ابومحمد بكري]ــــــــ[14 - 03 - 08, 03:06 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين وبه نستعين
والصلاة والسلام على الحبيب محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد,
من مشاكل الفهم التي قد يقع البعض بسببها في الخطأ أحيانا
وفي الجور أحيانا أخرى ..
عدم التفريق بين بعض الأمور والمسائل التى يُتوهم تشابهها
فيحدث اللبس والخلط حينها في الفهم
بل وفي السلوك والعمل أيضا
وقد عقد ابن القيم رحمه فصولاً في الفروق بين بعض المتشابهات
في آخر كتاب الروح وهي وإن كانت في أمور إيمانية إلاأن الفائدة من ذكرها يمكن تعميمها كثيرمن النواحي ليكون منهج تفكير وأسلوب نظر00
وسأذكر طرفا منها هنا لفائدته المستقلة
ولعلها تكون أيضا خطوة نحو تصحيح أسلوبنا في التفكير والحكم على الأمور
فنعرف من خلال هذا المقارنات
أنه ليس كل من يظهر في بعض أفعاله مشتركا
مع أفعال غيره يكون بالضرورة في نفس خندقه
فلعله مضطرا يفعل أقل الضررين أو أعلى المصلحتين
أو لعله يكون متأولا مجتهدا أصاب أم اخطأ ولعله ولعله ..
مما يوجب البحث والتحقق مع حسن الظن بالمسلمين لاسيما أصحاب السابقة
حتى لا نضع الغث مع السمين
والآان أترككم مع مقتطفات (مختصرة) من كلام ابن القيم رحمه الله تعالى:
[ CENTER] فصل والفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النفاق
أن خشوع الإيمان هو خشوع
القلب لله بالتعظيم والإجلال والوقار والمهابة والحياء فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوجل والخجل والحب والحياء وشهود نعم الله وجناياته هو فيخشع القلب لا محالة فيتبعه خشوع الجوارح وأما خشوع النفاق فيبدو على الجوارح تصنعا وتكلفا والقلب غير خاشع وكان بعض الصحابة يقول أعوذ بالله من خشوع النفاق قيل له وما خشوع النفاق قال أن يرى الجسد خاشعا والقلب غير خاشع
والفرق بين التواضع والمهانة
أن التواضع يتولد من بين العلم بالله
سبحانه ومعرفة أسمائه وصفاته ونعوت جلاله وتعظيمه ومحبته وإجلاله ومن معرفته بنفسه وتفاصيلها وعيوب عملها وآفاتها فيتولد من بين ذلك كله خلق هو التواضع وهو انكسار القلب لله وخفض جناح الذل والرحمة بعباده فلا يرى له على أحد فضلا ولا يرى له عند أحد حقا بل يرى الفضل للناس عليه والحقوق لهم قبله وهذا خلق إنما يعطيه الله عز و جل من يحبه ويكرمه ويقربه
وأما المهانة فهي الدناءة والخسة وبذل النفس وابتذالها في نيل حظوظها وشهواتها كتواضع السفل في نيل شهواتهم وتواضع المفعول به للفاعل وتواضع طالب كل حظ لمن يرجو نيل حظه منه فهذا كله ضعة لا تواضع
الفرق بين الجود والسرف
أن الجواد حكيم يضع العطاء مواضعه
والمسرف مبذر وقد يصادف عطاؤه موضعه وكثيرا لا يصادفه وإيضاح ذلك أن الله سبحانه بحكمته جعل في المال حقوقا وهي نوعان حقوق موظفة وحقوق ثانية فالحقوق الموظفة كالزكاة والنفقات الواجبة على من تلزمه نفقته
والثانية كحق الضيف ومكافأة المهدى وما وقى به عرضه ونحو ذلك فالجواد يتوخى بماله أداء هذه الحقوق على وجه الكمال طيبة بذلك نفسه راضية مؤملة للخلف في الدنيا والثواب في العقبى فهو يخرج ذلك بسماحة قلب وسخاوة نفس وانشراح صدر بخلاف المبذر فإنه يبسط يده في ماله بحكم هواه وشهوته جزافا لا على تقدير ولا مراعاة مصلحة وإن اتفقت له فالأول بمنزلة من بذر حبة في الأرض تنبت وتوخى ببذره مواضع المغل والإنبات فهذا لا يعد مبذرا ولا سفيها والثاني بمنزلة من بذر حبة في سباخ وعزاز من الأرض وإن اتفق بذره في محل النبات بذر بذرا متراكما بعضه على بعض فلذلك المكان البذر فيه ضائع معطل وهذا المكان بذر بذرا متراكما بعضه على بعض فلذلك يحتاج أن يقلع بعض زرعه ليصلح الباقي ولئلا تضعف الأرض عن تربيته
والفرق بين المهابة والكبر
أن المهابة أثر من آثار امتلاء القلب
يعظمه الله ومحبته وإجلاله فإذا امتلأ القلب بذلك حل فيه النور ونزلت عليه السكينة وألبس رداء الهيبة فأكتسى وجهه الحلاوة والمهابة فأخذ بمجامع القلوب محبة ومهابة فحنت إليه الأفئدة وقرت به العيون وأنست به القلوب فكلامه نور ومدخله نور ومخرجه نور وعمله نور وإن سكت علاه الوقار وإن تكلم أخذ بالقلوب والأسماع
¥