تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أمة الوعد الحق]

ـ[محمد مشعل العتيبي]ــــــــ[20 - 03 - 08, 02:26 ص]ـ

[أمة الوعد الحق]

د. علي بن عمر بادحدح

ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجر من مكة، لكنه يحمل الأمل الذي يكسر القيود، ويتجاوز الحدود، ويخرج من ضيق ما هو فيه إلى سعة وعد الله سبحانه وتعالى، فيبشر – وهو مهاجر طريد- سراقة بن مالك بسواري كسرى وتاجه.

إنه درس عظيم حري بنا أمة الإسلام اليوم أن نقف عنده، وأن نستقي منه ونتعلم الأمل والثقة بنصر الله تعالى، لا سيما وأن في أحوال أمتنا اليوم ما أورث بعض المسلمين وهناً في النفوس، ويأساً في القلوب، وأخطر من ذلك ما وقع في الأذهان والعقول من شك في وعد الله الحق، ومن اضطراب في مسلمات وثوابت هذا الدين القطعية التي تنزلت بها الآيات القرآنية، وثبتت بها الأحاديث النبوية. فلننظر إلى هذا الوعد الحق نظر البصر والبصيرة، ولنعتقده في قلوبنا إيماناً ويقيناً، ولنلتزمه في حياتنا أقوالاً وأفعالاً وأحوالاً، ولننظر إلى ذلك في كتاب الله عز وجل، {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم: 60]، قال القرطبي: " والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد أمته" وجاءت هذه الآية خاتمة لسورة الروم، وأولها {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ .. } [الروم: 1 - 5]، كان الفرس أهل شرك وكفر، وكانت الروم أهل كتاب وديانة، فلما انتصر الفرس عليهم كان ذلك من أسباب فرح كفار مكة، فاستعلوا بذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه، بل قال بعضهم كما انتصر أصحابنا سننتصر عليكم، فتنزل وعد الله الحق، بأن الجولة ستكون للروم على الفرس {فِي بِضْعِ سِنِينَ} غير محددة على وجه الدقة، فهل كان المؤمنون في شك من وعد الله.

كلا فقد راهن أبو بكر المشركين وضرب معهم أجلاً: فمضى الأجل، لكن أبا بكر ظل على يقينه بأن الله منجز وعده، وأمره رسول الله أن يزيد في المدة ويزيد في الرهن ففعل فانتصر الروم على الفرس (1)، وجاء ختام السورة خطاباً للرسول والمراد أمته {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم: 60]

الأمر واضح بين، فإن الصبر معه النصر، وإن الذين يصبرون لا يعينهم على صبرهم إلا الوعد الحق.

أما الذين لا يوقنون، سواء كانوا من الكافرين والمشركين الذين يؤمنون بالأمور المادية المحسوسة، أو من أولئك الذين يهولهم تسلط الأعداء على أهل الإيمان، فيتشككون ويثبطون، ويقولون: لا أمل في النصر، ولا مخرج من هذه الأزمات.

لماذا يقولون ذلك؟

لأنهم نسوا رب الأرض والسماء، ونسوا نصر الله للرسل والأنبياء، نسوا آيات القرآن التي يتلونها، و سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ومن قبله من الأنبياء الذين نصرهم الله، رغم أن كل الأسباب كانت على غير ما يمكن أن يحقق النصر، فهل نحن في شك في دين الله {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم: 60].

وآية أخرى جاءت في سياق مجموعة من الآيات وهي قوله تعالى {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} [غافر: 55] وحتى نرى الصورة واضحة جلية فلا بد من قراءة الآيات في السياق القرآني، قال تعالى {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (54) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55) إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير