تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (55)} [غافر: 51 - 55]، وقد يتساءل البعض أين هذا النصر في واقع أمتنا اليوم؟

والجواب: أن الأمر هنا كما قال أهل التفسير إما هو على سبيل العموم لا يتناول آحاد الأفراد. والقول الثاني وهو الأولى والأقوى والأظهر أن المقصود بالنصر هو الانتصار لهم، سواء كان ذلك في مشهدهم أو في مغيبهم أو حال حياتهم أو حتى بعد موتهم، ووعد الله لا يتخلف، ولن تجد لسنته تبديلا؟ {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]، {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [صـ: 88]، {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47].

يقين لا بد أن نشيعه بين أبناء أمتنا ونواجه به أعداءنا، فنحن على الحق لا نغير ولا نبدل، ونحن في طريق النصر الذي لا يتأخر ولا يتخلف إن أدينا حقه وقمنا بواجبه.

جاءت هذه الآيات تتحدث عن مشهد القيامة {يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر: 52]، في سياق الآيات التي تتحدث عن موسى عليه السلام، وكيف أهلك الله فرعون وقومه، قال أهل التفسير وفي هذا إشارة إلى بقاء القرآن وتوريثه إلى قيام الساعة في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مولاه بعد أن أدى ما عليه، قال ابن كثير: "وهكذا نصر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم على من خالفه وناوئه وكذبه وعاداه فجعل كلمته هي العليا، ودينه هو الظاهر على سائر الأديان، وأمره بالهجرة من بين ظهراني قومه إلى المدينة النبوية وجعل له فيها أنصاراً وأعواناً" ثم ذكر نصر بدر وما مر بعد ذلك حتى قال: "ودانت له جزيرة العرب بكمالها ودخل الناس في دين الله أفواجاً" ثم قال بعد ذلك:"وقام من بعده أصحابه فبلغوا دين الله، ودعوا عباد الله إلى الله، وفتحوا البلاد والرساتيق والأقاليم والمدائن والقرى والقلوب حتى انتشرت الدعوة المحمدية في مشارق الأرض ومغاربها، ثم لا يزال هذا الدين قائماً منصوراً ظاهراً إلى قيام الساعة" ولئن قيل أين هذه الصورة، مالنا لا نراها اليوم؟ فأقول: كلا، هي اليوم مرئية على أبلغ وأظهر وأوضح ما يمكن أن تكون.

أين فلسفات الشرق والغرب؟ أين الديانات التي دخل عليها التحريف؟ ما الذي ينصرها؟ قوى عسكرية؟ تسلط سياسي؟ حصار اقتصادي؟ تريد أن تدمر الإسلام في القلوب وأن تزعزع اليقين في النفوس {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120]، يوم تتبعون ملة اليهود والنصارى حينئذ تكون الهزيمة، وأما يوم يقتل منا من يقتل ويحتل من أرضنا ما يحتل، ويدمر من بيوتنا ما يدمر فإن ذلك ليس هزيمة إن بقي الإيمان واليقين بالوعد الحق، والارتباط بالمنهج الحق، فإن جولة الباطل ساعة وجولة الحق إلى قيام الساعة

هكذا كان الموقنون المؤمنون عبر التاريخ، فها هو ابن تيمية يجمع العلماء والأخيار لقتال التتار ويقول: "والله إنكم لمنصورون فيقولون: "قل إن شاء الله" فيقول: "إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً".

واليوم نرى صور النصر كذلك في أرض الإسراء، فها نحن نرى صوراً من بداية خريف المحتل الغاشم، فرئيس يحاكم على سقوط أخلاقي وكلهم ساقطون، وآخر يرتحل لأنه لم يحسن قتالاً ولم يحقق نصراً، وثالث يوشك أن يتردى، واضطراب وخوف وهلع.

انتصار الحق اليوم بذاتيته، وانتصار الإسلام بأحقيته، نحن ننتصر اليوم بقيمنا وأخلاقنا التي تهاوت أمامها كل القيم والأخلاق يقول الألوسي في تفسيره: "في الآيات إشارة إلى أهل الوراثة المحمدية، أهل الإرشاد بأن يصبروا على مكاره المنكرين المحجوبين الذين لا يوقنون بصدق أحوالهم ولذا يستخفون بهم، وينظرون إليهم نظرة الحقارة، ويعيرونهم وينكرون عليهم فيما يقولون ويفعلون"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير