تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والواجب على كل مسلم أن يحرص على إتباع سنة سيد المرسلين ويحذر من سلوك طريق المبتدعين, لأنه أمام كل مسلم طريقان , وليست ثم طريقٌ ثالث, طريق الشرع والسنة, وطريق الهوى والبدعة ,فمن سلك طريق الشرع اهتدى ونجى , وفاز بالدرجات العلى, ومن سلك طريق الهوى ضل وغوى ,وفي دركات النار هوى, كما قال تعالى: ((فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهوائهم بغير علم))

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:- ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قالوا: يا رسول الله ومن يأبى، قال:- من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)) وقد قال بعض السنة: البدعة طوفان مغرق والسنة الصحيحة سفينة نوح، من ركبها فقد نجى، ومن تركها فقد غرق))

وإذا تبينت خطورة البدع، وإنها مشاقة لسنة النبي الكريم، وأنه يحب الحذر كل الحذر من الوقوع منها. فإنه ينبغي أن يعلم أن أصل هذه الكلمة ((بدعة)) من الاختراع، وهو الشيء يحدث من غير أصل سبق، ولا مثال أحتذي، ولا ألف مثله، ومن قولهم: أبدع الله الخلق، أي خلقهم ابتداء ,ذكر هذا أبو شامة رحمه الله، وقال الجوهري في الصحاح: ((البدعة الحدث في الدين بعد الإكمال))

وإن من أخطر البدع التي يترتب عليه مفاسد عقدية وسلوكية وأخلاقية: بدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وقبل ذكر الأدلة على بدعية الاحتفال بالمولد النبوي، لابد من الإشارة إلى ما يلي:

أولاً:- أول من ابتدع الاحتفال بالمولد في الأمة الإسلامية: اختلف المؤرخون في ذلك بعد اتفاقهم على أنها لم تكن موجودة في القرون الثلاثة المفضلة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم))

فقال بعض العلماء: إن أول من ابتدع الاحتفال بالمولد النبوي هو الشيخ عمر بن محمد الملا كما قال أبو شامة: ((وكان أول من فعل ذلك بالموصل _ أي الاحتفال بالمولد _ الشيخ عمر بن محمد الملا أحد الصالحين المشهورين، و به اقتدى في ذلك صاحب إربل وغيره)) وقال ابن كثير في البداية والنهاية في ترجمة أبو سعيد كوكبوري ملك إربل: وكان يعمل المولد الشريف ربيع الأول، ويحتفل احتفالا هائلا، ويعمل الصوفية سماعا من الظهر إلى الفجر، ويرقص بنفسه معهم)) , وقال كثير من العلماء أن أول من أحدثه الفاطميون العبيديون كما نقل ذلك المقريزي في خططه، والقلقشندي، والسندوبي، ومحمد بخيت، وعلي فكري وعلي محفوظ.

قال المقريزي: ((كان للخلفاء الفاطمين في طوال السنة أعياد ومواسم؛ وهي موسم رأس السنة وموسم أول العام ويوم عاشوراء، ومولد النبي صلى الله عليه وسلم، ومولد علي بن أبي طالب، ومولد الحسن والحسين، ومولد فاطمة الزهراء ومولد الخليفة الحاضر، وليلة أول رجب، وليلة نصفه، وليلة أول شعبان، وليلة نصفه)) المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والاعتبار

وقال مفتي الديار المصرية محمد بخيت المطيعي)):مما أحدث وكثر السؤال عنه الموالد؟ فنقول: إن أول من أحدثها بالقاهرة الخلفاء الفاطميون، وأولهم المعز لدين الله)) وهذا هو الصحيح أن أول من أحدث بدعة الاحتفال بالمولد النبوي الفاطميون، وبالتحديد المعز لدين الله عام 1362، ثم كان أول من أظهرها بعدهم الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري ملك إربل في آخر القرن السادس، وأول القرن السابع الهجري.

ثانيا:- أسباب نشأة المولد:-

1 - نشر العقائد الشيعية من خلال التذرع بحب آل البيت، وهذا مما يبين السر في كون الدولة الفاطمية هي أول من ابتدع هذه البدعة.

2 - إفساد عقائد المسلمين، ونشر البدع والمحرمات في الأمة الإسلامية، كما فعلت ذلك الدولة الفاطمية قديما.

3 - كسب تعاطف المسلمين وإشغالهم عن دينهم ومعالي الأمور، وصرف أنظارهم عن ما ترتكبه الحكومات الصليبية والعلمانية من مخالفات شرعية في بلاد المسلمين، مما يؤكد هذا ما ذكره الجبرتي في تاريخه: أن نابليون أمر الشيخ البكري بإقامة الاحتفال بالمولد النبوي وأعطاه ثلاثمائة ريال فرنسي، وأمر بتعليق الزينات، بل وحضر الحفل من أوله إلى آخره، ليجذب إليه قلوب المصريين، ويعلن لهم أنه صديق للإسلام والمسلمين، ولما في الاحتفال من الخروج عن الشريعة والاختلاط واتباع الشهوات والرقص وفعل المحرمات))

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير