وقال العلامة الفاكهاني في رسالته (المورد في الكلام عن المولد): في النوع الخالي من المحرمات, بأن يعمل الرجل من عين ماله لأهله وأصحابه وعياله, ولا يجاوزون في ذلك الاجتماع لأكل الطعام , ولا يقترفون شيئاً من الآثام ,فهذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروهةً وشناعةً, إذ لم يفعله أحد من متقدمي أهل الطاعة الذين هم فقهاء الإسلام , وعلماء الأنام ,ولا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة , ولم ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم قدوة الدين , المتمسكون بآثار المتقدمين, بل هو بدعة أحدثها البطالون وشهوة اعتنى بها الأكالون)
النوع الثاني: وهو الاحتفال المحتوي على المحرمات, التي ذكر بعضها ابن الحاج في المدخل وهي:
1 - استعمال الأغاني وآلات الطرب.
2 - الاستهزاء بكتاب الله حيث يجمعون بين تلاوته وسماع الأغاني في هذه الاحتفالات.
3 - تبرج النساء وافتنان الرجال بهن.
4 - الافتنان بالمردان الذين يغنون ويدورون بالطيب والعنبر، ويتكسرون في مشيتهم وكلامهم ورقصهم.
5 - اختلاط الرجال بالنساء، ومايترتب عليه من الفواحش والرقص وشرب الخمور.
6 - الإسراف في الموائد والأموال.
وقال أبو المحاسن جمال الدين عن مولد الإميابي: وصار يعمل المولد في كل سنة فيأتيه الناس ويجتمع من النسوان والشبان خلق كثير , فذكروا أنه عمل المولد على عادته في شهر ربيع الأول سنة 790هـ ,فهرع الناس لحضور المجتمع حتى غص المكان بكثرة العالم ,وتنوعوا تلك الليلة في الفسوق لكثرة اختلاط النسوان والمردان بأهل الخلاعة , فتواتر الخبر بأنه وجد في صبيحة تلك الليلة من جرار الخمر التي شربت بالليل فوق خمسين فارغة, وافتضت تلك الليلة عدة أبكار ,وأوقدت شموع بمال كثير فبعث الله يوم الأحد صباح المولد قاصفاً من الريح كدرت على من كان هناك ,وسفت في وجوههم التراب, واقتطعت الخيم , ولم يقدر أحد على ركوب البحر , ولم يعد يعمل مولد بعدها , فإن الشيخ الإميابي مات في آخر شعبان سنة 790هـ) فمثل هذه الصفة من الاحتفالات المنكرة القبيحة لا يشك أي عاقل في تحريمها وبدعيتها قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: فأما الاجتماع في عمل المولد على غناء ورقص ونحو ذلك واتخاذه عبادة , فلا يرتاب أحد من أهل العلم والإيمان في أن هذا من المنكرات التي ينهى عنها، ولايستحب ذلك إلا جاهل أو زنديق))
وقال العلامة الفاكهاني في رسالته (المورد)
النوع الثاني من الموالد: هو أن تدخله الجناية، وتقوى به العناية لاسيما إن انضاف إلى ذلك شيء من الغناء المليء بالات الباطل من الدفوف والشبابات، واجتماع الرجال مع الشبان المرد والنساء الفاتنات، إما مختلطات بهم أو مشرفات، ويرقصن بالتثني والانعطاف والاستغراق في اللهو، وهذا الذي لا يختلف في تحريمه اثنان، ولا يستحسنه ذو المروءة من الفتيان وإنما يحلو لنفوس موتى القلوب ,وغير المستقلين من الآثام والذنوب , وأزيدك أنهم يرون ذلك من العبادات لا من المنكرات, فإنا لله وإنا إليه راجعون)).
النوع الثالث:
ما احتوى على عقائد فاسدة وخطب وأشعار وأعمال شركية أو بدعية , ومن ذلك ما يفعله كثير من الجهلة من القيام عندما يذكر الواعظ ولادة النبي صلى الله عليه وسلم وخروجه إلى الدنيا, وذلك لأن الكثير من هؤلاء المحتفلين يعتقدون أن النبي حضر بجسده الشريف في تلك اللحظات وأن البخور والماء قد وضعا له , وبعض أدعياء العلم منهم يعتقدون أن النبي صلى الله عليه وسلم حي حياة كاملة برزخية كاملة لائقة بمقامه ,وأن روحه جوالة سياحة في ملكوت الله ,ويمكن أن تحضر مجالس الخير ومشاهد النور, مثل الاحتفال بمولده, قلت: والحق أن كلتا العقيدتين عقائد فاسدة وأن كلا الفريقين في ضلال مبين, إذ لم يقم الدليل من الكتاب والسنة على حضور النبي لاحتفال مولده ولا غيره من مجالس الذكر لا بروحه ولا بجسده.
ثم إنهم وقعوا في محذور آخر , في قيامهم للنبي صلى الله عليه وسلم تعظيماً له , كما روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه عن أبي أمامة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئاً على عصا, فقمنا له , فقال: (لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضاً) ثم إن هذه الاحتفالات لا تخلو من ذكر أبيات البردة , ومنها:
يا أكرم الناس مالي من ألوذ به* سواك عند حلول الحادث العمم
¥