تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن لم تكن بآخرتي آخذاً بيدي* فضلاً و إلا فقل يا زلة القدم

فإن من جودك الدنيا وضرتها* ومن علومك علوم اللوح والقلم

فإذا كانت الدنيا والآخرة من جود النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك علم اللوح والقلم من علومه فماذا أبقى هؤلاء المبتدعة لله تعالى من جود وعلوم تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.

وغالباً ما يذكر فيها الوعاظ هذه الأبيات البدعية:

سعد السعود علا في الحل والحرم* نور الهدى قد بدا في العرب والعجم

بمولد المصطفى أصل الوجود ومَن* لولاه لم تخرج الأكوان من عدم

وإليك نموذجاً مما يقرأ في الموالد من الأذكار المبتدعة والعقائد الفاسدة, وهي قصص الموالد المنسوبة للحافظ عبد الرحمن الشيباني اليمني المعروف (بابن الديبع) يقول في فاتحتها:فسبحانه وتعالى من ملك أوجد نور نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من نوره قبل أن يخلق آدم من الطين اللازب , وعرض فخره على الأشياء , فقال: هذا سيد الأنبياء , وأجل الأصفياء وأكرم الحبائب , قيل هو آدم أنيله به أعلى المراتب, ثم ذكر حديثين أحدهما عن ابن عباس رفعه: إن قريشاً كانت نوراً بين يدي الله تعالى , قبل أن يخلق آدم بألفي عام , يسبح الله ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه ,والثاني أثر عن كعب الأحبار لا يصح أيضاً ,ولا يخفى ما في هذا الكلام من زلل وطوام.

وهذا النوع من الاحتفالات أضاف بدعة على بدعة , وأصحابه في ظلمات بعضها فوق بعض , نسأل الله العافية والسلامة من كل ما يغضب الله ويأباه من البدع والمحدثات والمنكرات.

خامسا: ذكر الأدلة على بدعية الاحتفال بالمولد النبوي:-

1. أن الله تعالى قد أكمل لنا الدين قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم, كما قال تعالى} اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا {وقد ثبت في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال عن هذه الآية:" نزلت يوم عرفة " وذلك في حجة الوداع , فمن أتى بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بعبادة جديدة مبتدعة , فهو ضال مبتدع في دين الله الذي أكمله لعباده وارتضاه قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم.

2. أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغ الرسالة وأدى الأمانة, وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها, لايزيغ عنها الا هالك وقد روى مسلم في صحيحه عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ما بعث الله من نبي الا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم , وينذرهم من شر ما يعلمه لهم " , ومعلوم من الدين بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده , ولم يأمر أصحابه بذلك, ولو كان الاحتفال بمولده من الدين الذي ارتضاه الله , والخير الذي تنتفع الأمة بإقامته , لبينه لأمته أو فعله في حياته أو فعله أصحابه , ومن زعم بعد ذلك كله أن الاحتفال بمولده من مقتضيات محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعبد الله به , فإما أن يتهم الله تعالى بالكذب تعالى الله عن ذلك في قوله:} اليوم أكملت لكم دينكم {لأن النبي صلى الله عليه وسلم مات والدين ناقص حتى أتى هؤلاء فأكملوه بالاحتفال بالمولد , وإما أن يتهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيانة والتقصير في أداء الأمانة وتبليغ الرسالة والدين لأمته , وكلا الإتهامين جناية قبيحة بل كفر بواح وردة عن الإسلام ولهذا قال ابن الماجشون: سمعت مالكا يقول:- "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة , فقد زعم أن محمدا خان الرسالة , لأن الله يقول} اليوم أكملت لكم دينكم ... {فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا ".

3. أن الاحتفال بالمولد ليس من عمل السلف الصالح من القرون الثلاثة المفضلة، وإنما هو بدعة أحدثت بعد ذلك، بإجماع العلماء المنكرين لها، كشيخ الإسلام ابن تيمية و الشاطبي و ابن الحاج و الفاكهاني، وإجماع المرتضين لها في صورها الخالية من الاعتقادات الشركية و المحرمات، كابن حجر العسقلاني الذي قال:-" أصل عمل المولد بدعة، لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة "، وكذلك السخاوي الذي قال:-" لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما حدث بعد".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير