يقول عنها الخبراء تحتوي على مادة (نوريسيدوا إفدرين) ومادة (الكاتين) المتشابهتين في تأثيرهما لمادة (الأمفيتامينات) التي تعمل على تنشيط الجهاز العصبي عند الإنسان، حيث يشعر متعاطي القات بنشوة هائلة واسترخاء تام، بسبب مفعول هذه المادة، حيث تكون الدورة الدموية عند أعلى مستوياتها، لكن بعد الانتهاء من تعاطي القات نجد مع أحد، والسبب في ذلك أن الجهاز العصبي مر بفترة إجهاد كبيرة أثناء التعاطي، أضف إلى ذلك أن الدورة الدموية وبعد أن كانت في أعلي مستوياتها أثناء التعاطي، تهبط إلى أدنى مستوى، وهو ما يتسبب في كل ذلك، الشيئ الذي لا يختلف فيه أثنان وهو أن التعاطي يخلف حالة من النشوة والتخدير ويجعل صاحبه في حالة شبه غير طبيعية.
وبناء على ذلك فقد قرر المؤتمر الإسلامي العربي في دورته الخامسة لسنة 1969م أن القات مخدر، ومضع أوراقه منبه، ويهيج الجهاز العصبي و المركزي. كما قررت منظمة الصحة العالمية إدراج القات في سنة 1973م ضمن قائمة المواد المخدرة، بعد إجراء أبحاث عليه لمدة ستة سنوات وقد اختلف العلماء في القديم والحديث في الحكم الشرعي للقات، والراجح من أقوال أهل العلم أن القات محرم شرعاً، للأسباب الاتية:
أولاً: ثبوت ضرورة البين في الأبدان والعقول والأديان والمجتمعات ونحو ذلك، ومعلوم في الشرع أن ما زاد ضرره على نفعه فهو حرام لقوله تعالى: (يسئلونك عن ن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) البقرة219
فحرم الخمر والميسر مع ما فيهما من النفع لما اشتملا عليه من الإثم الكبير الذي تربو مفسدته على مفسدة فوات ما فيهما من المنافع، ولقوله تعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: (يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) الأعراف:107
ومعلوم أن ما زاد ضرره على نفعه معدود في الخبائث دون الطيبات. ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) رواه مالك في الموطأ ملاسلاً، ورواه الحاكم والبيهقي والدار قطني من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وأخرجه أن ماجه من حديث أبن عباس وعبادة بن الصامت؛ فهذا الحديث فيه نفي للضرر وهو متضمن نهياً والنهي عند جمهور الأصوليين يقتضي التحريم فالضرر ولو كان إضرار لشخص لنفسه.
ثانيا: ثبوت التحذير فيه - كما مرّ آنفاً- وقد روى الإمام أحمد وأبو داود عن أم سلمه قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن كل مسكر ومفتر .. قال المناوي: رمز له السيوطي بالصحة وهو كذلك.
فقد قال الزين العراقي: إسناده صحيح قال العلماء: المفتر كل ما يدرك الضرر في البدن، والخدر في الأطراف.
ثالثاً: نظراً لما يحدثه القات من أضرار صحية بالغة، فإن المتعاطي له بعد علمه باضراره يعتبر قاتلا ً لنفسه قتلا ً بطيئا، والله عز وجل يقول:" ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً" النساء:29.
رابعاً: ما يحدثه القات من أضرار اقتصادية، وإذهاب المرء ماله في شراء القات وما يلحقها من أضرار اقتصادية، داخل في الإسراف المذموم المنهي عنه بقوله تعالى:" ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" الأنعام:141، ولقوله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً) الإسراء 26 - 27.
خامساً: مايفعله بعض المخزنين من ترك أطفالهم وأسرهم في ضيق وحاجة شديدة لصرفهم المال الذي بأيديهم لشراء القات إثم كبير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت). رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم وأقره الذهبي من حديث عبدالله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
سادساً: كون القات يشغل صاحبه عن أداء الصلوات وكثير من الواجبات، وهذه إحدى العلل التي ذكرها القرآن لتحريم الخمر والميسر فقال تعالى: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلوة فهل أنتم منتهون) المائدة91. وممن أفتى بتحريم القات من علماء المسلمين قديماً: الفقية العلامة/ أبو بكر إبراهيم المقري الحرازي الشافعي، وإمام الزيدية الإمام يحيى شرف الدين بن شمس الدين المتوفى سنة 965هـ، والفقيه إبراهيم العراقي والفقية أحمد بن أبراهيم المقرئ والفقية العلامة حمزة الناشري. ومن المعاصرين الشيخ محمد بن سالم البيحاني و الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي السعودية والشيخ الدكتور يوسف القرضاوي والشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ الدكتور مناع خليل القطان والشيخ عبدالمجيد الزنداني، وغيرهم.
وقد أعلن المؤتمر الإسلامي العالمي لمكافحة المسكرات والمخدرات الذي انعقد بالمدينة النبوية في 27 - 30/ 5/1402هـ، تحت رعاية الجامعة الإسلامية: أن القات من المخدرات المحرمة شرعاً، لذلك يوصي الدول الإسلامية بالعقوبة الإسلامية الشرعية الرادعة على من يزرع أو يروج أو يتناول هذا النبات الخبيث.
هذا وقد أيد الفتوى عدد من العلماء الأفاضل في محافظة حضرموت يتقدمهم العلامة السيد علي بن محمد مديحج
¥