تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي الحديث الصحيح عن جابر بن عبدالله أنه لما دخل عليه علي بن الحسين زين العابدين فانتسب له بكى جابر وأدخل يده على حلمة ثدييه تحننا وتلطفا منه رضي الله عنه وهو جابر بن عبدالله لما كف بصره في آخر حياته. والأثر في الصحيح. فالمقصود من هذا أن هدى السلف رحمهم الله على محبة آل النبي صلى الله عليه وسلم وإكرامهم ثم إن هذا المنتسب لآل النبي صلى الله عليه وسلم عليه حق أن يكون المثل والقدوة في الفضل وأن يحس بخطر الانتساب للنبي صلى الله عليه وسلم فيرفع نفسه عن الأمور التي لا تليق وعليه أن يبادل هذا الإكرام بما ينبغي أن يكون عليه من الصيانة في دين الله وشرع الله لأن الله أعزه بالدين، فيعتز بدينه، ولأن الله شرفه بالدين، فيتشرف بالدين كلا عليه حقه، وهذا هو الذي أدركنا عليه أهل العلم أنهم يشرفون آل النبي صلى الله عليه وسلم ويحبونهم ويعتقدون فضلهم ويميزونهم عن الناس في الحدود الشرعية دون غلو وكما قلنا إن أهل السنة هم أحق وأولى من أكرم آل النبي صلى الله عليه وسلم، وكل هذا راجع إلى فضل الإسلام، فحينئذ ينبغي على آل النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبلوا من إكرام الناس ما كان موافقا للشرع، وأما ما كان مخالفا للشرع فينبغي أن يكونوا أرفع من ذلك، وأبعد عن ذلك، نسأل الله بعزته وجلاله أن يرزقنا حبهم فيه وأن يرزقنا إكرامهم لوجهه، وأن يجعلنا على السنن الذي يرضيه والله تعالى أعلم.

هذا طبعا يختلف باختلاف الأحوال. وأنبه على أنه في الأسئلة: ما هو الضابط في كذا! ارفق بمن تسأله. فالبضاعة مزجاة، يعني بعض المسائل ممكن لو تجلس إلى الصباح تفصل فيها، فالأمر عظيم، فالضوابط أمرها صعب، ولا يتقنها إلا العلماء الجهابذة المتبحرون، ولكن بعض الضوابط كما ذكرنا أن الإنسان بين الإفراط والتفريط، هناك أناس غلوا في آل النبي صلى الله عليه وسلم وهناك أناس جفوا. فآل النبي صلى الله عليه وسلم والناس عندهم سواء، بل إنه ربما يرمي بالكلمة وتقول له: هذا شريف من آل النبي صلى الله عليه وسلم. فيقول لك: لا شرف إلا بالتقوى، حتى تتمنى إنك ما قلت هذا شريف. نعم لا شرف إلا بالتقوى، ولكن للنبي صلى الله عليه وسلم والانتساب إليه شرف على رغم أنف من شاء وكره، هذا أصل شرعي، وإلا ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما فاطمة بضعة مني يربني ما رابها ويؤذيني ما آذاها))، فإن أكرمته فأنت الكريم ولا يكرم كرام الناس وأهل الفضل إلا من شرف في نفسه، فالضابط في هذا أنك تميزه عن غيره دون أن يكون في ظلم للغير، تميزه من حقك، يعني أنا إذا جاءني شريف أحتفي به أكثر مما يأتني إنسان آخر، لأني أحس أن له حقا علي، وحينئذ أؤدي هذا الحق. كذا الضابط أن يكون المنشأ في هذا محبة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، فيكون المنشأ لا رياء ولا حمية ولا عصبية، ولكن لله وفي الله، وأن يكون هذا وفق الحدود الشرعية التي يتميزون بها عن غيرهم ولكن لا يعطون أكثر من حقهم هذا هو الذي ينبغي على المسلم أن يعمله، فأنا إذا جاءني أحد من آل النبي صلى الله عليه وسلم فأجلسته في تكرمة البيت، وجاءني في مناسبة فاحتفيت به فقمت له أمام الناس وحييته. قال الناس: من هذا الذي يقوم له؟ قيل له: هذا من آل النبي صلى الله عليه وسلم. عرفت الناس، وعلّمَت الناس كيف يكرمون آل النبي صلى الله عليه وسلم.

أما إذا دخل آل النبي صلى الله عليه وسلم كما يدخل غيره من الناس، ورموا في المجالس، ومنهم كبار السن وأهل الفضل فإنا لله وإنا إليه راجعون، فلهم حق ولهم فضل، ولكن وِفْق الأصول التي ذكرناها دون إفراط ودون تفريط، والموفق من حرص على هذه الوسطية، وأهل السنة أولى بذلك كما ذكرنا ومن هنا ينبغي علينا أن نحرص على قضاء حوائجهم وتفريج كرباتهم إذا جاءت شريفة أرملة فإني أحس أن لها علي دين ولها علي حق، فأقضي حاجتها، وأفرج كربتها، وأسعى في مصالحها، وهكذا إذا جاء اليتيم منهم أو جاء المعوز ونحو ذلك من الأمور التي يحتاجون فيها.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير