تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال القرطبي المالكي: " قال علماؤنا: وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد ".

وقال الإمام محمد من الحنفية: " لا نرى أن يزاد على ما خرج من القبر , ونكره أن يجصص أو يطين أو يجعل عنده مسجداً ". والكراهة عند الحنفية إذا أطلقت فهي للتحريم كما هو معروف لديهم. (28)

فإذا عُلم ما سبق تبين إجماع العلماء على تحريم البناء على القبور , و إن كانت قبور الأنبياء.

المبحث الثالث:الشبهات التي يتمسك بها من يجيز الصلاة في هذا المكان:

المطلب الأول:الشبهات الشرعية:

اعلم ـ رحمك الله ـ أن الشبهات والشهوات من عوائق التوحيد , وقد ذم الله تعالى إتباع الشبهات حيث قال " فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله " , وقال عليه الصلاة والسلام: " ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ". ومن هذه الشبهات التي استدلوا بها:

? أن المقبرة إذا مضى عليها أكثر من أربعين سنة فإنها لا تكون مقبرة , ويذهب عنها حكم المقابر.

وهذا الكلام لا دليل عليه في الكتاب والسنة , ولم يثبت في ذلك حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم قال" اتخذوا قبور أنبيائهم " يفهم منه أن قبور الأنبياء مرّ عليها مدة من الزمن ثم بنو على قبورهم المساجد.

? ويعتمدون على الأحاديث المكذوبة التي تدعو إلى الصلاة في هذا المكان منها حديث " أنه لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس مرّ على قبر إبراهيم عليه السلام فقال له جبريل عليه السلام: هذا قبر إبراهيم انزل فصلّ ركعتين " وحديث " من لم يمكنه زيارتي فليزر قبر أبي إبراهيم عليه السلام ".

? ويستدلون أيضاً بقوله تعالى " قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً ".

ولا يصح الاستدلال بهذه الآية , لأنها حكاية عن القرون الغابرة وليس إقراراً , قال العلامة الألوسي في روح المعاني عند تفسيره لهذه الآية: " واستُدل بالآية على جواز البناء على قبور الصلحاء واتخاذ مسجد عليها وجواز الصلاة في ذلك وممن ذكر ذلك الشهاب الخفاجي في حواشيه على البيضاوي: وهو قول باطل عاطل فاسد كاسد فقد روى أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس قال: قال رسول الله لعن الله تعالى زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج, ومسلم " ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد فإني أنهاكم عن ذلك " ... الخ.

? ومن شبههم استدلالهم بالمسجد النبوي حيث أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم موجود داخل المسجد و المسلمون يصلون فيه بدون نكير.

وهذا الاستدلال لا يصح: لأن مسجد النبي صلى الله عليه لم يبن على قبره وإنما بُني في حياته , ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم دُفن في بيت عائشة رضي الله عنها خارج المسجد , واستمر هذا الحال إلى خلافة الوليد بن عبد الملك حيث قام بتوسيع المسجد , وأزال حجرات النبي صلى الله عليه وسلم وأدخلها في المسجد , فأصبح قبره داخل المسجد ولم يكن ذلك بمحضر أحدٍ من الصحابة , وقد أنكر بعض التابعين هذا العمل منهم سعيد بن المسيب , لكن الخليفة لم يستجب لذلك وحصل ما حصل , ثم جاء جهلة الناس من الصوفية وبنوا على قبره قبة , ولا حول ولا قوة إلا بالله.

, ? وبعضهم يدعي أنه لا يوجد قبور في هذه المقامات وإنما القبور في أسفل الأرض داخل المغارة

لا يُعلم مكان القبور فيها.

قلنا وما يدرينا بصحة هذا الكلام , ثم إن وجود القبور داخل المسجد كافٍ في المخالفة , لأن أحكام الشريعة المطهرة إنما تبنى على الظاهر لا الباطن كما هو معروف.

وأيضاً فيه مخالفة لما في كتب التاريخ , فإذا نفيتم وجود القبور , فاعملوا بما جاء في صحيح مسلم عن أبي الهيّاج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته , ولا قبراً مشرفاً إلا سويته " , ثم أزيلوا هذه المقامات وأعلنوا براءة المكان من وجود قبور الأنبياء فيه , فيكون الأمر كما أردتم أنه مسجد إسلامي.

? ويستدلون بقوله تعالى " ولا يطؤون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدوٍ نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير