تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والذي أريد أن أعرضه من شبهات الأخ سؤال واحد، قال لي فجأة بعد مقدمة من اللجلجة والفأفأة والسأسأة: الشيخ أبو إسحاق الحويني، والشيخ محمد حسان، وحضرتك ..... من أين تأكلون؟!!!!

ولأنني –كما تعلمون- صريح جدا، ومباشر جدا دون لف ودوران كان يمكنني أن أصرفه بكلمة واحدة: "وانت مالك!!!! "، ولكن .. سبحان الملك ولأننا كنا نجلس في المسجد وجدت نفسي أجيبه بمنتهى الهدوء:

أليس قد قال الله تعالى: ** وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاًّ (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (3)} [الطلاق:2 - 3] ..

وأليس قد قال تعالى: **وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُواوَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِوَالأَرْضِ} [الأعراف:96] ..

وأليس قد قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم} [المائدة:65 - 66] ..

وأليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا» ...

بالله عليك ... أليس – الدعاة – أحق الناس بهذه الآيات والأحاديث؟!! ...

ألا تعتقد أن الدعاة – في إيمانهم وتوكلهم وتقواهم بما تسمعه وتراه ويبلغك عنهم– أحق برزق الله كما يرزق الطير، لا تعمل عند أحد، ولا تأخذ راتبها من أحد، ولا تعتمد على أحد، بل يأتيها رزقها رغدا من كل مكان؟!!

وقد قال سبحانه في الآية السابقة: ** وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم}، فالداعية الذي يقيم الكتاب والسنة في نفسه وبين ظهراني أهله ويجاهد بالدعوة إلى ذلك، ويعين الآخرين على القيام بذلك، أليس من حقه أن يأكل من فوقه ومن تحت رجله: **وَعْدَ اللَّهِ لاَ يُخْلِفُ اللَّهُ المِيعَادَ} [الزمر:20] ..

فالذي يتساءل: من أين يأكل الدعاة؟! .. هذه إجابته: أن الله يطعمهم ويسقيهم كما يرزق الطير، وكما يبارك لأهل الإيمان، وكما يجعل رزقا للمتقي من حيث لا يحتسب ..

ثم ... هل بلغك أنهم يسرقون؟!! .. هل اشتكى أحد أنهم منه يقترضون ثم لا يردون؟! .. هل زعم أحد أنهم أكلوا ماله؟!!!!!! ....

الحمد لله .. هم مكفيون بكفاية الله .. مستورون بستر الله .. متمتعون بفضل الله ..

ثم ... إذا ظهر عليهم ظواهر سعة الرزق وكثرة المال كما يندهش البعض حين يرى ذلك، فليس الأمر كما ترى، إنما هو جمال ستر الله، وعظمة بركة الله، فقد يكون ما ينفقونه قليل وبالنسبة لما يملك الآخرون فتات، ولكن ببركة الله وعدم تشوفهم لما في أيدي الناس وإظهار الغنى: **يَحْسَبُهُمُ الجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ} ..

ولذلك أيضا تجد هؤلاء، ودعني أتكلم عن نفسي شخصيا، لا يكنزون شيئا ولا يدخرون شيئا أبدا، فلا تجده يحتفظ في بيته ببضعة آلاف، لا تجد شيئا من مفردات هذا البضع (من 3 – 9)، ولذلك يظهر أنهم يملكون، والحقيقة أنهم ينفقون كل ما يملكون، فلو طلبت مني مثلا، كما يحدث كثيرا من عشم بعض الإخوة، خمسة آلاف جنيه سلف – مثلا – فوالله لا أملك .. لا أملك .. لا أملك .. صدقني، وقد تقول: والسيارة .. والعمارة .. و .... وأقول لك: هذا من التنعم بما نملك، أما الكنز والاقتناء فلا تجد عندنا شيئا من ذلك .. وصدقني ..

ثم ... لابد أن تعلم أن هؤلاء الدعاة أجراء عند الله، فهو كفيلهم، وبشكرهم لنعمه يزيدهم من فضله ويبارك لهم، وكونهم لا يعبدون الشهوات ولا يتوسعون فيها فالقليل عندهم كثير ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير