[البورصة ... سوق الكسب الحرام ... للشيخ رائد بن عبد الجبار المهداوي]
ـ[فادي بن ذيب قراقرة]ــــــــ[30 - 03 - 08, 09:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
البورصة ... سوق الكسب الحرام
الحمد لله وليّ المتقين، والصلاة والسلام على إمام النبيين، وخاتم المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛
فقد سألني إخوة محبون سلفيون عن حكم الشرع في التعامل الماليِّ في البورصة سواء كان بالأسهم، أو بالسندات أو بغيرها؟
الحمد لله وليّ المتقين، والصلاة والسلام على إمام النبيين، وخاتم المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛
فقد سألني إخوة محبون سلفيون عن حكم الشرع في التعامل الماليِّ في البورصة سواء كان بالأسهم، أو بالسندات أو بغيرها؟
فأقول وبالله التوفيق:
إنَّ الشرع المطهّر قد نظّم حياة الناس المالية ومعاملاتهم بيعاً وشراءً تنظيماً يكفل لهم السعادة في الدنيا والآخرة إن هم امتثلوا واتّقوْا وآمنوا.
والقاعدة الشرعية الكلية التي تُردُّ إليها أحكام المعاملات المالية والتجارات والمكاسب كلّها هي: الحلُّ والإباحة؛ لقوله ـ تعالى ـ: "هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً" [البقرة:29].
فمن حرَّم شيئاً من البيوع أو غيرها من المعاملات المالية يطالب بالدليل، لأنَّ الحرام فيها ما حرّمه الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
والمتأمّل للنصوص المحرّمة لأنواع من المعاملات يجد أنَّ الحظر فيها إنّما جاء بسبب ظلم أحد الطرفين المتعاقدين، أو كليهما؛ لوجود الربا، أو الميسر (القمار)، أو الغرر، أو الجهالة، أو الخداع والتغرير.
ومعلوم أنَّ هذه الأمور تتناقض مع مقاصد الشرع الكلية ـ في نظام المعاملات ـ القائمة على أسس العدل، والقسط، ومراعاة مصالح كلا المتعاقدين، وليس أحدهما على حساب الآخر.
ولقد كان السلف يتبايعون وكلٌّ من المتبايعَيْن حريص على نفع صاحبه؛ لأنّ قلوبهم سليمة، وعقودهم صحيحة، فكانت عقود البيع تتم بأجواء من الودّ والصفاء والأمانة والرضا الحقيقي، فينقلب كلا المتبايعين إلى أهله داعياً لأخيه بالبركة، حامداً الله على النعمة.
أما وقد خلف في الناس هباء؛ رُفعت منهم الأمانة، ورقّت فيهم الديانة، ولم يعد يبالي أحدهم مم يكسب؟ وكيف يكسب؟
تشبّثوا بنظم المشركين الوافدة في البيع والشراء، تلك النظم القائمة على مراعاة مصلحة صاحب رأس المال القويّ، إضافة إلى ما فيها من رباً ومقامرة، وخداع وتلبيس، والغاية الوحيدة تنمية رأس المال بأية وسيلة كانت. وصار ربح طرف مرهون بخسارة طرف آخر، كالمقامر تماماً لا يربح إلا إذا خسر غيره.
ومن تلك النظم الغربية الوافدة إلينا في البيع والشراء نظام البورصة، أو الأسواق المالية، ويكفي في الحكم الأوّليّ عليها ـ قبل التفصيل ـ أنّها من عند المشركين منشأً وفكرة ونظاماً وتطبيقاً، فلا يُتوَقّع منها أن تكون متفقة مع أحكام شرعنا المطهّر في البيوع تماماً، قد يكون فيها ما يتفق مع الإسلام، ولكنّها ليست إسلامية خالصة، وهذا الاتفاق اليسير لا يجوز أن يكون سلّماً يمتطيه اللاهثون وراء المال من أجل تجويزها، أو إعطائها الصبغة الشرعية كما فعل كثيرون مع البنوك فأسموْها إسلامية، وليت شعري هل تَغَيُّرُ الأسماء وبقاء المناهج والنظم الفاسدة يُغيّر من الحقيقة شيئاً؟
إنّه التحايل والكذب والتلبيس على العامة والبسطاء الذين لا يفقهون دينهم، وتغرُّهم الأسماء المزوَّقة!
وهل سيأتي زمان ـ عندما ينكشف عفن البورصة ـ فيسميها أصحابها إسلامية؟ لست أدري!
ما هي البورصة؟
هي عبارة عن سوق تعقد فيها عقود بيع وشراء الأوراق المالية كالسندات، والأسهم، ومن هذه العقود ما هو على معجّل ومنها ما هو على مؤجّل. ولا تتم الصفقات والعقود مباشرة بين البائع والمشتري وإنما من خلال وسيط (سمسار) يعمل في سوق الأوراق المالية. كما أن تلك العقود والصفقات لا تتم بصورة انفرادية بين وسطاء البيع والشراء وإنما من خلال نظام تداول إلكتروني يتلقى جميع أوامر البيع والشراء، ويقوم بالمقابلة بينها على أساس السعر والكمية المحددة.
إذن؛ ما يتم في البورصة عبارة عن عقود بيع وشراء للسندات والأسهم، وحتى نعرف وجه الحِلِّ أو الحرمة في تلك العقود لابد من دراستها. ومعرفة ماهية كلٍّ من السندات والأسهم.
¥