تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولعل ما حرره شيخ الإسلام يكشف عن سبب إصرار بعض علماء السلف على الوعظ والاحتساب مع منعهم من قبل حكام زمانهم، كالبربهاري وأصحابه الذين كانوا يباشرون تغيير المنكرات بالإتلاف، ويعاقبون أصحابها بالضرب والتعزيز. (24)

وكذا عدم طاعة الحسن بن الصباح للمأمون في منعه من الوعظ واستمرار ابن سمعون في الوعظ مع منع الخليفة له وغيرهم (25).

ومما يستدل به في هذا المقام ما جاء في قصة سرية عبدالله بن حذافة – رضي الله عنه - عندما أمر أصحابه بأن يوقدون نارا ويدخلوها .. فلما بلغ ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: "لو دخلوها ما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف" (26).

قال ابن القيم ـ بعد إيراده لتلك الحادثة ـ: "فإن قيل: فلو دخلوها طاعة لله ورسوله في ظنهم فكانوا متأولين مخطئين فكيف يخلدون فيها؟ قيل: لما كان إلقاء نفوسهم في النار معصية يكونون بها قاتلي أنفسهم، فهّموا بالمبادرة إليها من غير اجتهاد منهم: هل هو طاعة وقربة أو معصية؟ كانوا مُقْدِمين على ما هو محرم عليهم ولا تسوغ طاعة ولي الأمر فيه، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ..

وإن كانوا مطيعين لولي الأمر فلم تدفعهم طاعتهم لولي الأمر معصيتهم لله ورسوله، لأنهم قد علموا أن من قتل نفسه فهو مستحق للوعيد ..

فإذا كان هذا حكم من عذّب نفسه طاعةً لولي الأمر، فكيف من عذّب مسلماً لا يجوز تعذيبه طاعةً لولي الأمر؟ وأيضاً فإذا كان الصحابة المذكورين لو دخلوها لما خرجوا منها مع قصدهم طاعة الله ورسوله بذلك الدخول، فكيف بمن حمله على ما لا يجوز من الطاعةِ الرغبةُ والرهبةُ الدنيوية؟ " (27).

وقال الخطابي: "هذا يدل على أن طاعة الولاة لا تجب إلا في المعروف، كالخروج في البعث إذا أمر به الولاة والنفوذ لهم في الأمور التي هي الطاعات ومصالح المسلمين، فأما ما كان منها معصية كقتل النفس المحرمة وما أشبهه فلا طاعة لهم في ذلك" (28).

ولما ساق الإمام البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن قوله تعالى: {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} الآية. نزل في عبدالله بن حذافة إذ بعثه النبي – صلى الله عليه وسلم - في سرية.

قال الحافظ ابن حجر: "وسببه أن الذين همّوا أن يطيعوه وقفوا عند امتثال الأمر بالطاعة، والذين امتنعوا عارضه عندهم الفرار من النار، فناسب أن ينزل في ذلك ما يرشدهم إلى ما يفعلونه عند التنازع وهو الرد إلى الله وإلى رسوله (29).


(1) فتح القدير 1/ 481
(2) المفهم 4/ 35 وانظر طرح التثريب 8/ 82
(3) قواعد الأحكام ص 604
(4) الفتاوى 27/ 296
(5) الفتاوى 19/ 69
(6) ص495 تحقيق الدويش، وانظر منهاج السنة 3/ 490، 503
(7) فتح الباري 13/ 112
(8) أخرجه أحمد 5/ 301 وصححه الألباني في الصحيحية 2/ 139
(9) أخرجه الخلال في السنة 1/ 118
(10) فتح الباري 13/ 111
(11) مجموع الفتاوى 31/ 39
(12) إعلام الموقعين 2/ 240
(13) مجموع الفتاوى 25/ 81 وانظر المستدرك 3/ 160
(14) انظر منهاج السنة 3/ 387ـ390
(15) مجمع الفتاوى 29/ 196
(16) خرجه ابن أبي شيبة كما في الفتح 13/ 10
(17) الفتح 13/ 10
(18) الاستذكار: 14/ 37
(19) البيان والتحصيل لابن رشد 16/ 362
(20) الإبانة الصغرى لابن بطة ص155
(21) مجموع الفتاوى 4/ 443
(22) إعلام الموقعين 4/ 115
(23) سير أعلام النبلاء 8/ 80
(24) انظر الكامل لابن الأثير، حوادث سنة 323هـ
(25) انظر طبقات الحنابلة 1/ 134، 2/ 158
(26) أخرجه الشيخان
(27) زاد المعاد 3/ 369، 370 = باختصار
(28) عون المعبود 7/ 289
(29) فتح الباري 8/ 254

http://www.almoslim.net/node/90273

ـ[محمد الفردي]ــــــــ[01 - 04 - 08, 09:20 ص]ـ
كلام نفيس ..........

جزا الله الكاتب والناقل خيرا

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير