[قصيدة في القدر لشيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على سؤال عن القدر]
ـ[أبو عبد الله مصطفى]ــــــــ[31 - 03 - 08, 09:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قصيدة في القدر لشيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على سؤال عن القدر أورده أحد علماء الذميين فقال:
أيا علماء الدين ذمي دينكم ** تحير دلوه بأوضح حجة
إذا ما قضى ربي بكفري بزعمكم ** ولم يرضه منى فما وجه حيلتى
دعانى وسد الباب عنى فهل إلى ** دخولى سبيل بينوا لى قضيتى
قضى بضلالى ثم قال إرض بالقضا ** فما أنا راض بالذى فيه شقوتى
فإن كنت بالمقضى يا قوم راضيا ** فربى لا يرضى بشؤم بليتى
فهل لى رضا ماليس يرضاه سيدى ** فقد حرت دلونى على كشف حيرتى
إذا شاء ربى الكفر منى مشيئة ** فهل أنا عاص في إتباع المشيئة
وهل لى إختيار أن أخالف حكمه ** فبالله فاشفوا بالبراهين غلتى
فأجاب شيخ الإسلام الشيخ الإمام العالم العلامة أحمد بن تيمية مرتجلا الحمد لله رب العالمين
سؤالك ياهذا سؤال معاند ** مخاصم رب العرش بارى البرية
فهذا سؤال خاصم الملأ العلا ** قديما به إبليس أصل البلية
ومن يك خصما للمهيمن يرجعن ** على أم رأس هاويا في الحفيرة
ويدعى خصوم الله يوم معادهم ** إلى النار طرا معشر القدرية
سواء نفوه أو سعوا ليخاصموا ** به الله أو ماروا به للشريعة
وأصل ضلال الخلق من كل فرقة ** هو الخوض في فعل الاله بعلة
فإنهمو لم يفهموا حكمة له ** فصاروا على نوع من الجاهلية
فإن جميع الكون أوجب فعله ** مشيئة رب الخلق بارى الخليقة
وذات إله الخلق واجبة بما ** لها من صفات واجبات قديمة
مشيئته مع علمه ثم قدرة ** لوازم ذات الله قاضي القضية
وإبداعه ما شاء من مبدعاته ** بها حكمة فيه وأنواع رحمة
ولسنا إذا قلنا جرت بمشيئة ** من المنكري آياته المستقيمة
بل الحق أن الحكم لله وحده ** له الخلق والأمر الذي في الشريعة
هو الملك المحمود في كل حالة ** له الملك من غير إنتقاص بشركة
فما شاء مولانا إلا ** له فإنه يكون ومالا لا يكون بحيلة
وقدرته لانقص فيها وحكمه ** يعم فلا تخصيص في ذي القضية
أريد بذا أن الحوادث كلها ** بقدرته كانت ومحض المشيئة
ومالكنا في كل ماقد أراده ** له الحمد حمدا يعتلى كل مدحة
فإن له في الخلق رحمته سرت ** ومن حكم فوق العقول الحكيمة
أمورا يحار العقل فيها إذا رأى ** من الحكم العليا وكل عجيبة
فنؤمن أن الله عز بقدرة ** وخلق وإبرام لحكم المشيئة
فنثبت هذا كله لا لهنا ** ونثبت ما فى ذاك من كل حكمة
وهذا مقام طالما عجز الأولى ** نفوه وكروا راجعين بحيرة
وتحقيق ما فيه بتبيين غوره ** وتحرير حق الحق في ذي الحقيقة
هو المطلب الأقصى لوراد بحره ** وذا عسر في نظم هذى القصيدة
لحاجته إلى بيان محقق ** لأوصاف مولانا الإله الكريمة
وأسمائه الحسنى وأحكام دينه ** وأفعاله في كل هذى الخليقة
وهذا بحمد الله قد بان ظاهرا ** وإلهامه للخلق أفضل نعمة
وقد قيل في هذا وخط كتابه ** بيان شفاء للنفوس السقيمة
فقولك لم قد شاء مثل سؤال من ** يقول فلم قد كان في الأزلية
وذاك سؤال يبطل العقل وجهه ** وتحريمه قد جاء في كل شرعة
وفى الكون تخصيص كثير يدل من ** له نوع عقل أنه بإرادة
إصداره عن واحد بعد واحد ** أو القول بالتجويز رمية حيرة
ولا ريب في تعليق كل مسبب ** بما قبله من علة موجبية
بل الشأن في الأسباب أسباب ما ترى ** وإصدارها عن حكم محض المشيئة وقولك لم شاء الإله هو الذي ** أزل عقول الخلق في قعر حفرة
فإن المجوس القائلين بخالق ** لنفع ورب مبدع للمضرة
سؤالهم عن علة السر أو قعت ** أوائلهم في شبهة الثنوية
وأن ملاحيد الفلاسفة الأولى ** يقولون بالفعل القديم لعلة
بغوا علة للكون بعد انعدامه ** فلم يجدوا ذاكم فضلوا بضلة
وأن مبادى الشر في كل أمة ** ذوى ملة ميمونة نبوية
بخوضهمو في ذاكم صار شركهم ** وجاء دروس البينات بفترة
ويكفيك نقضا أن ما قد سألته ** من العذر مردود لدى كل فطرة
فأنت تعيب الطاعنين جميعهم ** عليك وترميهم بكل مذمة
وتنحل من والاك صفو مودة ** وتبغض من ناواك من كل فرقة
وحالهم في كل قول وفعلة ** كحالك ياهذا بأرجح حجة
وهبك كففت اللوم عن كل كافر ** وكل غوى خارج عن محجة
فيلزمك الاعراض عن كل ظالم ** على الناس في نفس ومال وحرمة
و لا تغضبن يوما على سافك دما **ولا سارق مالا لصاحب فاقة
¥