الأمر الأول: اعتقاد كَذِبَ الرسل وهذا لا ينفعهم وليس عذراً لهم بل هم كفار لا شك في ذلك.
الأمر الثاني: الأطماع الدنيوية.
الأمر الثالث: الحسد كما صنعت يهود لأنهم يعملون أن النبي ? هو الحق وأنه رسول من قِبَلِ الله ويعلمون ما هم عليه من الباطل ولكن لا يمنعهم من الانقياد سوى الحسد فقط.
ومن ذلك أيضاً حب الرياسة، ومن ذلك أيضاً المكابرة والإعراض كما قال الله عنهم ? والذين كفروا عما أنذروا معرضون ?
37 - لا يصح وصف المشرك بالعاقل ولا وصف الضال بالعقل إذ لو كان هذا فعلا عاقلاً لوحد الله وأفرده وآمن بالله، فإن حقيقة العقل الإيمان بما جاءت به الرسل، ولهذا سمى النبي ? أبا الحكم سماه أبا جهل، لو كان عنده شيء من الحكمة وشيء من العقل لآمن بالله وأي فرق بين الإيمان بالله وعبادة الآلهة، وأي مماثلة بين الأمرين فدل هذا أنهم ليس بعقَّال أصلاً كما قال الله جل وعلا ? بل هم أضل سبيلا ? أي من البهائم ولا يمكن وصف المشرك بالعقل أبداً.
عقل معيشي يمكن وصفه بالعقل المعيشي؟ أما وصفه بالعقل المطلق فهذا لا يصح حتى العاصي بحسب عصيانه للرب بنقص عقله، لأنه لا يمكن يوصف رجل بالعقل ووفرة العقل وكمال العقل وهو يعلم أن هذا الطريق غلط ومع ذلك يفعل، فلا يعصي العبد ربه إلا لنقص في العقل فلو رأينا رجلاً يقتحم النار هل يمكن وصفه بالعقل كلٌ منا يتفق أو تتفق آرائنا مع آراء غيرنا أن الإنسان حين يرى ماء ويرى نار وينغمس في النار أن هذا يوصف بالجنون، كذلك الذي يسلك طريق أصحاب السعير لا يمكن أن يوصف بالعقل وكل بحسبه فالذي يقتحم طريق أهل السعير بالكفر والشرك والإعراض عن الله فهذا ليس فيه شيء من العقل. والذي يؤمن بالله ويوحده غير أنه يعصي الله في الليل والنهار فبحسب عصيانه ينقص عقله، إذاً أكمل الناس عقلاً أكثرهم توحيداً.
38 - غلا بعض جهلة العباد الذين يعتقدون في التوحيد أنه هو توحيد الربوبية وفي معنى كلمة الإخلاص أنه لا موجود إلا الله فقالوا: لا هوَ إلا هوَ، ومنهم من يقول: لا وجود إلا لله أو لا موجود إلا الله ويجعلون هذا غاية التوحيد الذي نزل به القرآن وجاءت به الرسل. بل فيه طوائف من الاتحادية يقولون:أن لا هو إلا هو. ولا موجود إلا الله أحسن من لا إله إلا الله وهذا في الحقيقة مذهب الاتحادية الفراعنة وقد وقفت على مصنف لهؤلاء الجهال يقولون فيه ((لا إله إلا الله)) ذِكرُ العابدين و ((الله الله)) ذِكرُ العارفين.و ((هوَ هوَ)) ذِكرُ المحققين فجعل كلمة الإخلاص التي جاءت به الرسل وأنزلت من أجلها الكتب هذا من ذكر العابدين، وجعل ذكر المحققين ((هو هو)) الذي هو ذكر الصوفية والملاحدة والمعرضين عما جاءت به الرسل، ولهذا ترى طوائف من المنحرفين عن شرع الله ومن المنحرفين عما جاءت به الرسل يرددون في ذكرهم ((هوَ هوَ)) ومنهم من يقول ((إلا هو هو)) فإذا سألته قال أخشى أن أموت على النفي دون الإثبات وهذا جهل محض.
وذكر هذا القول عن هؤلاء الجهلة الأغبياء المعرضين عما جاءت به الرسل كافٍ عن ردِّه، فإن مثل هذا مناقضة لما أجمع عليه المسلمون، ولما اتفق عليه عقلاء البشرية.
39 - من مات على لا إله إلا الله دخل الجنة كما في سنن أبي داود من حديث صالح ابن أبي عَريب عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل أن النبي ? قال: (من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة).
40 - ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في التحفة العراقية عن بعض السلف أن الله جل وعلا جمع علم الأولين والآخرين في القرآن بالنسبة للتوحيد، وجمع الله جل وعلا علم القرآن في فاتحة الكتاب وجمع الله جل وعلا ذلك في قوله تعالى ? إياك نعبد وإياك نستعين * ?.
توضيح هذا أنه لا يمكن أن يخرج شيء عن هذه العبودية ولا يصح شيء إلا في هذه العبودية فلا يصح توحيد الربوبية ولا توحيد الأسماء والصفات إلا بتوحيد الإلهية.
41 - عن الحميري عن ابن زياد عن أبي أمامة أن النبي ? قال: (من قرأ آية الكرسي دبر كلا صلاة لا يمنعه دخول الجنة إلا الموت) حديث صحيح رواه النسائي في عمل اليوم والليلة صححه ابن حبان وابن عبد الهادي وجماعة من أهل العلم.
¥