تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

54 - الاستعاذة مشروعة في مئات المواطن، فإن العبد حين يدخل الخلاء، ماذا يقول، كما في الصحيحين من حديث قتادة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس أن النبي ? كان يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)، والاستعاذة مشروعة في حالات متعددة.

إذاً هذا يتطلب منا إلى أن ندرس السنة، وأن نقرأ الكتب المؤلفة في الأذكار لنصل من خلالها إلى معرفة سنة رسول الله ?. ومن أنفع هذه الكتب: كتاب الأذكار للإمام النووي. مع مراعاة التنبه لبعض الأحاديث الضعيفة التي يُوردها، فإنه يورد بعض الأحاديث الضعيفة، ويقول يعمل بالفضائل أو بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال وفي هذا نظر. ويطالع بعد ذلك كتاب الوابل الصيب للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى وهو أنفع وأكثر فائدة من كتاب الأذكار النووي إلا أن كتاب الأذكار للنووي أشمل وأكثر أحاديث وأكمل معلومات وكتاب ابن القيم أكثر تحقيقاً وأعمق علماً وأقوى أسلوباً، وأحسن طرحاً، فرحم الله الجميع.

55 - الذي سَحَرَ النبي ? هو لبيد بن الأعصم، وقصة سحره جاءت في الصحيحين من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها وقد أنكر كثير من المتكلمين سحر النبي ? وقابلوه بالتكذيب، وقالوا: إنه لا يجوز أن يُسحر النبي ?، فإنه ذلك يكون تصديقاً لقول الكفار ? إن تتبعون إلا رجلاً مسحورا ? قالوا: وهذا كما قال فرعون لموسى: ? وإني لأظنك يا موسى مسحورا ?.

والجواب عن ذلك بوجوه:

الوجه الأول: أن الحديث في سحر النبي ? ثابتاً قد تلقاه أهل العلم بالقبول وقابلوه بالتسليم وقد خرّجه الشيخان في صحيحيهما من طرق كثيرة، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها.

الوجه الثاني: أن سحر النبي ?لا يؤثر على تبليغ الرسالة، وهذا من الأمر المتفق عليه بين أهل العلم كما قال الله تعالى: ? إن هو إلا وحيٌ يوحى ?.

الوجه الثالث: أن قوله تعالى: ? إن تتبعون إلا رجلاً مسحورا ?، يقولون ذلك على وجه الاستهزاء والتهكم، وعلى وجه صد الناس عن إتباع الحق، والتلبيس عليهم، ولا شك أن كلامهم كذب، لأن كون الإنسان يُسحر في لحظة من اللحظات لا يعني أنه مسحوراً على وجه الإطلاق، ولا سيما أن سحر ? يختلف عن سحر غيره، حين سحر النبي ? كان هذا على وجه الابتلاء والامتحان وهذا لا يؤثر على عقله ولا على التبليغ ولا على الرسالة لأن الله جل وعلا يقول: ? ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين ? وهذا لا يمكن أن يقع بخلل في التبليغ، بخلاف سحر غيره فإنه ليس بمعصوم قد يهذي بما لا يدري وقد يقول ما لا يعتقد فإنه ليس بمعصوم.

الوجه الرابع: أن السحر أنواع، ومجرد سحر النبي ? فقط أنه كان يخيل إليه يفعل الشيء ولا يفعله.

ولهذا لم يشعر بسحره كثيرون من الناس ولم يستفض هذا الأمر، فعُلم أن هذا الأمر وقع على وجه الابتلاء والامتحان، كما كُسِرت رباعيته وشج وجهه، كما سقط عن الفرس وتألم من جراء ذلك وكما قال سعد بن وقاص للنبي ? أي الناس أشد بلاء؟ قال: (الأنبياء فالأمثل فالأمثل، ويتبلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلاءه وإلا خفف عنه الابتلاء) والحديث رواه أبو عيسى وقال هذا حديث حسن صحيح.

56 - أقام النبي ? مسحوراً أربعين يوماً، جاء هذا في رواية أبي ضمرة عند الإسماعيلي كما أشار ذلك الحافظ ابن حجر، وفي صحة هذه اللفظة نظر.

فقد جاء الخبر في الصحيحين من طُرق، عن هشام بن عروة، رواه عيسى بن يونس، ورواه أبو شامة، ورواه ابن نمير، ولم يذكر واحد منهم أربعين يوماً، وكذلك لم يذكر واحد منهم ستة أشهر كما ذكر ذلك وهيب في روايته عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، جاء هذا في مسند الإمام أحمد وصحح هذه الرواية الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري، وفي ذلك نظر.

فلو دام سحره ستة أشهر، لاستفاض الأمر ولتواتر ولجاء نقله عن جمعٍ عظيم من الصحابة، فحين تفردت به النقل عائشة لقربها من النبي ?، وتفرد بالنقل عن عائشة عروة وتفرد بالنقل عن عروة هشام، عُلِمَ أن الأمر مادام كثيراً، وإنما كانت فترته قصيرة، الله أعلم بتحديدها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير