القسم الثالث: الذي لا يصح إطلاقه إلا على المخلوق دون الله جل وعلا، لأن الإجماع منعقد أن أسماء الله توقيفية، فلا يصح تسمية الله باسم لم يسمي به نفسه ولم يثبت في السنة الصحيحة.
والصحيح أن القياس لا يصح في الأسماء والصفات، وبعض المتكلمين يُدخل القياس في الأسماء والصفات، وفي هذا نظر.
فإن هذا الباب باب توقيفي المقصود توضيحه، أن هذا الاسم الله لا يصح التسمي به، ولا ترى هذا الاسم العظيم مطلقاً على غير الله.
حتى العرب الأُول الذين كانوا يعبدون الآلهة كانوا يسمون الأوثان آلهة، ولا ترى في كلامهم شيئاً أنهم يسمونها ((الله)) حتى فرعون ما قال أنا الله. قال: ((أنا ربكم الأعلى)) قال ((ما علمت لكم من إله غيري)).
يطلق الإله ولا يطلق لفظ الله.
61 - نفاة القدر نوعان:
الطائفة الأولى: الذين أخرجوا أفعال العباد عن خلق الله تعالى وتقديره وهم الذين سماهم السلف مجوس هذه الأمة.
وفي الباب أحاديث مرفوعة ولا يصح منها شيء. وسيأتي إن شاء الله تحقيق هذه المسألة حين يشير المؤلف رحمه الله تعالى إلى الأحاديث والآثار الواردة في هذا الباب.
الطائفة الثانية: طائفة نفت تقدير الشر دون الخير، فجعلوا الخير من الله دون الشر فإنه من العبد وهذا في الحقيقة نفي بأن يكون الله وحده هو المتفرد بالتصرف والخلق، وهذا المذهب الخبيث راجع إلى مذهب المجوس القائلين بوجود خالقين خالق للخير وخالق للشر، فإن من جعل العباد خالقين لأفعالهم فلا شك في كفره، وأنه مثبت لخالق مع الله، ومن جعل الخير من الله دون الشر فهذا لم يُثبت التصرف المطلق لله جل وعلا، حيث يتصرف الله جل وعلا في شيء دون شيء وهذا كفرٌ أيضاً وهذا كفرٌ بالربوبية.
62 - قوله ?: (والشر ليس إليك) ليس المعنى أن الشر ليس مخلوقاً لك.
فإن الشر مخلوق لله بالإجماع لا نزاع، وإنما المعنى الشر لا يدخل لا في أسمائك ولا في صفاتك.
وقد تقدم نسبة هذا، إلى شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وجماعة من أكابر المحققين.
63 - بعض الناس حين جهل مقام التوحيد، وشأن التوحيد يتخيل العبادة بعبادة الأوثان فحين لا توجد القبور في بلد، يشيدون بمقام التوحيد، ولو وُجد وثنيات أخرى وهذا يَنْتُج عن الجهل بمقام التوحيد.
فإن نواقض الإسلام كثيرة وليست محصورة في عبادة القبور والأوثان، التولي لأعداء الله ومظاهرة المشركين على المسلمين هذه ردة، من نواقض الإسلام وهي موجودةٌ في كثير من البلاد.
السحر كفرٌ أكبر في أصح قولي العلماء وهو موجود بكثرة.
تحكيم غير شرع الله وإحلال القوانين الوضعية محل الشرع، و استقطاب آراء اليهود والنصارى والحكم فيها بين الناس، وتعطيل الحكم بما أنزل الله بل البطش بمن دعا إلى التحاكم إلى شرع الله هذا كفر أكبر.
[الشريط السابع]
64 - قوله جل وعلا ? يحبونهم كحب الله ? تقدم أن فيها قولين:
القول الأول: يحبون أندادهم كما يحب المؤمنون ربهم وهذا قول أكثر المفسرين.
القول الثاني: يحبون الأنداد كما يحبون الله وحينئذٍ تكون محبة الله ثابتة لهم ولكنهم يسوون الأوثان بمحبة الله وهذا القول هو الأظهر وهو قول الزجاج واستظهره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.
وقوله تعالى: ? والذين آمنوا أشد حباً لله ? هذا الآية.
فيها أيضاً قولان، وهما مركَّبان على القولين في الآية السابقة:
الأول: والذين آمنوا أشد حباً لله من أصحاب الأنداد لأندادهم، ومن أهل الأوثان لأوثانهم.
الثاني: والذين آمنوا أشد حباً لله من المشركين به، فالمؤمن يُخلِصُ المحبة لله، والمشرك لله نصيب من هذه المحبة وللأنداد نصيب أكبر ..
65 - ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه: ((الجواب الكافي)) قال هاهنا أربعة أنواع في الحب، يجب التفريق بينها وإنما ضل من ضل بعدم التمييز بينها.
الأول: محبة الله، وهذه لا تكفي وحدها في النجاة من عذاب الله والفوز بثوابه، فإن المشركين يحبون الله وكذلك اليهود والنصارى عُباد الصليب يحبون الله فهذه المحبة غير كافية في النجاة من عذاب الله والفوز بثوابه، فلا بد أن يضيف إلى ذلك أموراً أخرى.
¥