فمن الكفر بالأقوال سب الله عز وجل أو سب الرسول ? وكالحلف بالمخلوق تعظيماً له، ومن الكفر بالأفعال السجود للأصنام والطواف على القبور ومن الكفر بالاعتقادات من اعتقد أن حكم غير النبي ?أحسن من حكمه، ومن الكفر بالجحد كأن يجحد أمراً مجمعاً عليه ومن الكفر بالاستحلال أن يستحل أمراً متفقاً عليه، ومن الكفر بالترك كترك الصلاة، لأن ترك الصلاة بالكلية كفر بالإجماع، لا نزاع في ذلك، كما نقل الإجماع الإمام عبد الله بن شقيق ونقل الإجماع المَروَزِي، ونقل الإجماع إسحاق، ونقل الإجماع الإمام ابن حزم وغيرهم من أهل العلم رحمهم الله تعالى، والإجماع مجزى، صحيح في هذه القضية أن الصحابة ليس بينهم خلاف في كفر تارك الصلاة.
فقول أهل الإرجاء أو قول غلاة المرجئة، لأن المرجئة أقسام غلاة وغير غلاة، لأن بعض المرجئة وهم غير الغلاة يقولون يكفر بهذه الأمور لكن ليست مكفرة بذاتها، ولكن لأنها دلالات على عدم التصديق لكن غلاة المرجئة يقولون: لا يكفر إلا بالجحد.
وهذا ليس له أصل في الكتاب ولا في السنة، والإجماع منعقد على خلاف هذا القول الشاذ الذي لا يدل عليه لا كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا عقل. الأدلة كلها دالة على خلاف هذا القول الباطل، هذا النوع الأول من الألفاظ والأقوال الصريحة.
النوع الثاني: منه ما هو محتمل الدلالة فلابد حينئذٍ من تبيِّن من قصد الفاعل، لكن ينبغي التنبه ليس هذا مطَّرداً من كل مسألة من ذلك السجود كما تقدم فقد يسجد لغير الله تعبَّداً فيخرج عن الإسلام.
وقد يسجد تحية فيكون آثماً بالاتفاق ولكن لو سجد للصنم متجهاً لغير القبلة لكان كافراً مرتداً، لأن هذا غير محتمل، فهناك فرق بين أن يسجد للصنم، الصنم لا يمكن أن يسجد للصنم تحية هذا كفر غير محتمل، لكن السجود للرجل الكبير قد يتصور أن يسجد تحية فهذا يختلف عن هذا.
فإن هذا السجود ـ أي السجود للصنم ـ على هذا الوجه غير محتمل وهذا لا إشكال فيه.
ومن المحتمل أيضاً إلقاء المصحف في النار، تقدم أن إلقاء المصحف في القاذورات كفر بالإجماع وهذا كفر غير محتمل.
من الكفر المحتمل أن يلقي المصحف في النار فهذا محتمل، يحتمل أنه مستخف بالمصحف قرينة ذلك أن يكون غلاف المصحف جيداً.
فماذا يعني أن يلقيه في النار، هذا مستخف.
النوع الثاني: أن يكون المصحف قد بليت أوراقه وأراد أن يحرِّقه فقد يحتمل هذا بناء على أن عثمان ? أمر بتحريق وحرَّق المصاحف. فقد يكون عندي مصحف قد بَليت أوراقه فأردت أن أضعه في النار إذاً لا يمكن التكفير بِأَن من ألقى المصاحف في النار فنقول هذا مستهين بالمصحف، فقد يريد أن يحرقه لئلا يمتهن ولئلا يُداس في الأرض، ولئلا تطأه الأقدام وقرينة ذلك أن يكون المصحف قد بليت أوراقه فهذا لا يكفر بإجماع المسلمين.
ولكن ينبغي التنبه والتركيز على قضية ما كان محتمل وبين ما لم يكن محتملاً.
لأن بعض الناس يقول كل عبادة ثبتت لله جل وعلا فصرفها لغير الله على وجه التعبد شرك أكبر، وماعدا ذلك شرك أصغر وهذا باطل، لأن هذا صحيح أنه شرك أكبر، لكن لا يعني أن ما لم يُفعل على وجه التعبد يكون شركاً أصغر.
فإن الإنسان لو أُستأجر على أن يسجد لهذا الصنم فسجد طمعاً في المنصب والمال، طبعاً ما عبد الصنم عبادةً يقصر التعبد له ألا يكفر بذلك؟! يكون مرتداً بهذا العمل.
فإذا أتى المسؤول وأمر من تحتِ يده أن يسجد لهذا الصنم على أن يُعَينه على المرتبة الفلانية ... ؟! أو على أن يصرف له معاشه فنقول في هذه الحالة: مشرك الشرك الأكبر، ولو قال أنا ما عبدت الصنم.
117 - إذا قال العبد: إن سب الله وسب رسوله كفر، وإن الطواف حول القبور كفر وإن السجود للأصنام كفر، لأن هذا دلالة على عدم التصديق. نقول هذا من المرجئة. وإذا قال: إن سب الله وسب رسول الله ? لا يكفر ما لم يستحل. فنقول هذا من غلاة المرجئة.
[الشريط الرابع عشر]
118 - الظن يطلق على معاني:
يطلق على اليقين كقوله تعالى: ? الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم ? أي يستيقنون أنهم ملاقوا ربهم، ويصلح إطلاق اليقين هنا على معنى العلم، أي يعلمون علم اليقين أنهم ملاقوا ربهم.
ويطلق الظن على تجويز أمرين أحدهما أقوى من الآخر.
¥