ولم أقض حق العلم إن كان كلما بدا طمع صيرته لي سلَّما
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي لأخدم من لاقيت لكن لأُخدما
أأشقى به غرساً وأجنيه ذلةً إذاً فإتباع الجهل كان أحزما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ولو عظموه في النفوس لعظما
ولكن أذلوه جهاراً ودنسوا مُحَيَّاهُ بالأطماع حتى تجهَّما
وهذه الأبيات توجد في معجم الأدباء لياقوت الحموي رحمه الله.
180 - وبالجملة فالعلم أفضل من العبادة، فعالم عابد أفضل من عابد جاهل وهذا بإجماع المسلمين ولا خلاف بينهم في ذلك، ولكن ينبغي أن نتعرف على صفات العالم، أذكر جملةً من صفات العالم:-
الصفة الأولى: أن تتمثل فيه حقيقة العلم من المعرفة والإدراك والفهم، والناس يتفاوتون في العلم، منهم المتخصص في علم من العلوم، ومنهم من الذي له إدراك في أكثر العلوم الشرعية.
الصفة الثانية: أن يعمل بعلمه على قدر استطاعته، فعلم بلا عمل كالشجر بلا ثمر، وقد قال بعض السلف: ((من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود ومن فسد من عُبادنا ففيه شبه من النصارى)).
الصفة الثالثة: أن يدعو إلى هذا الحق الذي يحمله وإلى هذا العلم الذي يحفظه، فإن الدعوة إلى الله جل وعلا وهي مهمة الرسل وأتباعهم إلى يوم الدين.
الصفة الرابعة: أنهم يخُشون ربهم سراً وعلانية فلا يقولون على الله غير الحق ولا يتحدثون بالباطل، إن عجز أحدهم عن قول الحق وخاف على نفسه سكت ولم ينطق بالباطل.
ومن صفات هؤلاء العلماء: الذين جاء الثناء عليهم في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسول الله ?، وقرن الله جل وعلا شهادتهم بشهادة الملائكة وشهادة الملائكة بشهادته جل وعلا، أنهم لا يخونون الله ولا يخونون الرسول ولا يخونون أماناتهم بل يبذلون جهدهم وطاقتهم في حماية هذا الدين في الذب عن أهله ويحملون هذا العلم ويذبون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.
ومن صفات هؤلاء العلماء: أنهم لا يحسدون أحداً على ما آتاهم الله من فضله ولا يراءون الناس بأعمالهم ولا يحبون أن يحمدوا عالم يفعلوا.
ومن صفات هؤلاء العلماء: أنهم يتحدثون بالحق وقت الحاجة ويرون أن المهمة في هذه الأوقات أكبر من غيرها.
ومن صفات هؤلاء العلماء: أنهم يبلغون العلم إلى من لا يعلمه.
ومن صفات هؤلاء العلماء: أنهم لا يكتمون الحق وهم يعلمون.
ومن صفات هؤلاء العلماء: أنهم يتواضعون لربهم فالتواضع سمة من سماتهم.
ومن صفات هؤلاء العلماء: أنهم لا ينافسون الناس على دنياهم، ولا يبيعون ذمتهم للسلاطين ولا لغيرهم من أجل دنيا فانية، فإن العالم يجره علمه إلى أن يعلم أن القليل يكفيه للتزود إلى الآخرة وليس بحاجة إلى الملايين إلا إذا اكتسبها بحق وأنفقها في مرضاة الله فحينئذٍ يجمع بين العلم والعمل كما صنع ذلك عبد الرحمن بن عوف وجماعة من الصحابة.
ومن صفات العلماء: أنهم لا يعتدون على الأبرياء ولا يستعلون بمناصبهم على الآخرين.
ومن صفات العلماء: أنهم يواجهون الانحرافات في المجتمع بعزيمة الصادقين وتحمل المتقين.
ومن صفات هؤلاء العلماء: أنهم لا يداهنون في دين الله ولا يخلطون بين المداهنة وبين المداراة.
ومن صفات هؤلاء العلماء: أنهم لا يبررون جرائم أهل الطغيان ويجعلون من المفسدين في الأرض مصلحين ودعاةً ناصحين.
ومن صفات هؤلاء العلماء: أنهم يصلحون بواطنهم وظواهرهم.
هذا هو العالم الذي تتطلع إليه الأنظار وتعقد عليه الآمال، وهذا هو العالم الذي يستحق أن يقتدى به وينظر لقوله وفعله فحين يتحدث عن المسائل الشرعية يتحدث عنها بتدين وصلاح وتقوى لرب العالمين وينظر ما يرضي الله وما يرضي رسول الله ?.
181 - في حالة الخوف يجوز ترك إتمام الصلاة وفي حالة الخوف يجوز قصر الصلاة في أصح قولي العلماء.قال بعض العلماء: في صلاة الخوف بأن الصلاة لا تقصر إلا في السفر.
وقال بعض العلماء: بأنه يجوز قصر الصلاة في الحضر، وهذا الذي تدل عليه الأدلة كحديث ابن عباس رضي الله عنهما في مسلم حين فرض النبي ? صلاة الخوف ركعة واحدة، حمله الإمام أحمد رحمه الله تعالى على ما إذا التقى الجيشان ولم يستطع أن يؤدي الصلاة فإنه حينئذٍ يصليها قصراً.
¥