210 - من جميل ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله تعالى قال: ((الإيمان قول وعمل ونية ولا يجزئ واحد دون الآخر)) وحكى على ذلك إجماع الصحابة والتابعين وأهل السنة من بعدهم.
[الشريط الرابع والعشرون]
211 - من قدم قول غير الرسول ? على قول الرسول أو قدم قول هذا العالم على قول الرب جل وعلا فهذا يُخاف عليه وهذا من الضلال والانحراف قال تعالى: ? وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا ? وقد قال النبي ?: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قالوا: يا رسول الله ومن يأبى!! قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)) رواه البخاري من حديث فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن عطاء عن أبي هريرة ?.
وقد قال ابن عباس لمن عارضه برأي أبي بكر وعمر وهما هما في العلم والدين، قال: ((والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله، أقول قال رسول الله ? وتقولون قال أبو بكر وعمر)) رواه الإمام أحمد والخطيب وجماعة.
وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: ((عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأى سفيان والله تعالى يقول: ? فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنه أو يصيبهم عذابٌ أليم ? أتدري ما الفتنة؟! الفتنة: الشرك، لعلة إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك)).
212 - الذين يتعصبون لمذهب أبي حنيفة يحتفظون بقول بعض أقوال الأئمة: ((بأن الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه)) وهذا ليس عذراً ولا مسوِّغاً لمثل هذا التعصب الأعمى وهذا الضلال البعيد.
وأتباع المذهب المالكي يتعصبون لمذهب مالك، هذا ليس للجميع إنما هذا للبعض وفئة من الناس فبعض المنتسبين لمذهب مالك يتعصبون لمذهب مالك بحجة أن مالكاً هو الذي عُني بقوله ?: (يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل ولا يجدون عالماً أعلم من عالم المدينة) رواه الإمام أحمد والترمذي من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة ? عن النبي ?، وقد رجح الإمام أحمد رحمه الله تعالى وقف هذا الخبر. وأتباع الإمام الشافعي يحتجون بأن الشافعي مُطَّلِبي وأن الله جل وعلا جمع له بين الفقه والحديث، ويستدلون بحديث: ((قدِّموا قرشياً ولا قدموها)) وهذا الخبر ضعيف وأحاديث كثيرة يحتجون بها في هذا الخبر، ليست في محل النزاع.
وأتباع الإمام أحمد يقولون بأن الإمام أحمد من أعلم الناس بالحديث وبعلله، جمع الله له بين الفقه والحديث ويحفظ من الأحاديث ما لا يحفظه هؤلاء الأئمة.
وهذه التعللات لا تفيد فقد يكون الحق مع أحمد وقد يكون الحق مع الشافعي وقد يكون مع مالك وقد يكون الحق مع أبي حنيفة.
فحين تنظر في مسألة مس المرأة فنحن نعلم أن الأئمة الأربعة مختلفون في هذه القضية فقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى بأن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً سواء كان بشهوة أو بغير شهوة.
بينما قال الإمام الشافعي بأن مس المرأة ينقض الوضوء مطلقاً بشهوة وبدون شهوة.
بينما قال الإمام مالك إن مس بشهوة انتقض وضوءه وإلا فلا ينتقض الوضوء وعن أحمد رحمه الله تعالى روايات ثلاث توافق مذهب كل واحد من هؤلاء الأئمة والصواب في هذه القضية مع أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
وحين نأخذ بهذه القضية في مذهب أبي حنيفة لا يمنع في المسألة الأخرى أن نأخذ بالقول الراجح الذي قد يوافق مذهب أحمد كقضية نقض الوضوء من أكل لحم الجزور فنأخذ في هذه القضية في مذهب أحمد، وإن كنا لا ننتسب لمذهب معين ولا نتعصَّب لمذهب معين، فندور مع الحق حيثما دار، وكون الإنسان يعيش في بلد يغلب عليه التمذهب لا يعني هذا بأنه ينتسب إليهم أو أنه يقلد، فنحن لا ننتسب لمذهب ولا نتعصب لمذهبٍ على آخر، إنما ندور مع الحق حيثما دار على حسب القدرة وعلى حسب الاجتهاد وعلى حسب البحث في النصوص.
¥