تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: و هذا سند ضعيف مسلسل بالضعفاء: شهر فمن دونه. و لكنه أحسن حالا من حديث أبي هارون العبدي الذي سبقت الإشارة إليه في كلام الحاكم، كذلك ذكر ابن معين، ففي " المنتخب ": " عن إبراهيم بن الجنيد قال: ذكر ليحيى بن معين حديث أبي هارون هذا فقال: قد رواه ليث بن أبي سليم عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد مثله.

فقيل ليحيى: هذا أيضا ضعيف مثل أبي هارون؟ قال: لا، هذا أقوى من ذلك و أحسن حدثناه ابن أبي مريم عن يحيى بن أيوب عن ليث ".

قلت: كذا في الأصل ليس فيه " ابن زحر " و هو في المصدرين السابقين من رواية يحيى بن أيوب عنه عن ليث. فالله أعلم.

و بالجملة فهذه الطرق إن لم تزد الطريق الأولى قوة إلى قوة، فلن توهن منها.

و له شاهد من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا بلفظ: " إنه سيضرب إليكم في طلب العلم، فرحبوا، و بشروا، و قاربوا ".

أخرجه الرامهرمزي عن زنبور الكوفي حدثنا رواد بن الجراح عن المنهال بن عمرو عن رجل عنه. و هذا سند ضعيف، للرجل الذي لم يسم، و زنبور لم أجد له ترجمة. و العمدة على ما تقدم.

و للحديث طريقان آخران عن أبي سعيد، و شاهد آخر عن أبي هريرة بأسانيد واهية جدا، و لذلك استغنيت عن ذكرهما، و فيما ذكرنا كفاية. و قد تكلمت على أحد الطريقين المشار إليهما في تعليقنا على " الأحكام الكبرى " لعبد الحق الإشبيلي (رقم الحديث 71) و صححه.

ثم وجدت للحديث شاهدا آخر، فقال الدارمي (1/ 99): أخبرنا إسماعيل ابن أبان حدثنا يعقوب هو القمي عن عامر بن إبراهيم قال: " كان أبو الدرداء إذا رأى طلبة العلم قال: مرحبا بطلبة العلم، و كان يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى بكم ".

قلت: و هذا إسناد رجاله موثقون غير عامر بن إبراهيم فلم أعرفه و ليس هو عامر بن واقد الأصبهاني، فإن هذا من شيوخ القمي المتوفى سنة (174) و ذاك من الرواة عن القمي، و توفي سنة (202)، إلا أن يكون من رواية الأكابر عن الأصاغر. و الله أعلم.

وفي سنن ابن ماجه (1/ 90)

247 - حدثنا محمد بن الحارث بن راشد المصري. حدثنا الحكم بن عبدة عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري: رسول الله صلى الله عليه و سلم قال (سيأتيكم أقوام يطأبون العلم. فإذا رأيتموهم فقولوا لهم مرحبا مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه و سلم. واقنوهم)

قلت للحكم ما " اقنوهم؟ " قال علموهم، .... (وأقنوهم) وفي نسخة " وأفتوهم ". قال الشيخ الألباني: حسن

قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة (1/ 76): " أن النبي صلى الله عليه و سلم أوصى بطلبة العلم خيرا وما ذاك إلا لفضل مطلوبهم وشرفه " ....

قال النووي في المجموع (1/ 27):" ويستحب للمعلم أن يرفق بالطالب ويحسن إليه ما أمكنه فقد روي الترمذي باسناده عن أبى هرون العبدى قال كنا نأتى أبا سعيد الخدرى رضى الله عنه فيقول مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الناس لكم تبع وان رجالا يأتونكم من أقطار الارض يتفقهون في الدين فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا.

قال المناوي في فيض القدير (2/ 399) رقم 2138:

قوله " (فإذا أتوكم فاستوصوا بهم [ص 400] خيرا) أي اقبلوا وصيتي فيهم يعني الناس يأتوكم من أقطار الأرض وجوانبها يطلبون العلم منكم بعدي لأنكم أخذتم أفعالي وأقوالي واتبعتموني فيها فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا وأمروهم بالخير وعظوهم وعلموهم علوم الدين. والاستيصاء قبول الوصية وبمعنى التوصية أيضا وتعدى بالباء. قال البيضاوي: وحقيقة استوصوا اطلبوا الوصية والنصيحة لهم من أنفسكم. وقال الطيبي: هذا من باب التجريد أي ليجرد كل واحد منكم شخصا من نفسه ويطلب منه الوصية في حق الطالبين ومراعاة أحوالهم والمراد حق على جميع الناس في مشارق الأرض ومغاربها متابعتكم وحق عليهم أن يأتوكم جميعا ويأخذوا عنكم أمر دينهم فإذا لم يتمكنوا منه فعليهم أن يستنفروا رجالا يأتوكم ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم فالتعريف في الناس لاستغراق الجنس والتنكير في رجالا للنوع أي رجالا صفت نياتهم وخلصت عقائدهم يضربون أكباد الإبل لطلب العلم وإرشاد الخلق وفي تصدير الجملة الشرطية بإذا التحقيقية تحقيق للوعد وإظهار للإخبار عن الغيب ولهذا قال العلائي: ذا من معجزاته إذ هو إخبار عن غيب وقع وقد حفظ الله بذلك الدين وكان بعض الصحب إذا أتاه طالب قال مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومنه أخذ أنه ينبغي أن يكون الطالب عنده أعز الناس عليه وأقرب من أهله إليه ولذلك كان علماء السلف يلقون شبك الإجتهاد لصيد طالب ينفع الناس في حياتهم وبعدهم وأن يتواضع مع طلبته ويرحب بهم عند إقبالهم عليه ويكرمهم ويؤنسهم بسؤاله عن أحوالهم ويعاملهم بطلاقة وجه وظهور بشر وحسن ود ويزيد في ذلك لمن يرجى فلاحه ويظهر صلاحه ومن ظهرت أهليته من ذوي البيوت ونحوهم ...

وراجع مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح (1/ 740)

وقال القرطبي في التفسير (20/ 101): وقد كان أبو الدرداء ينظر إلى أصحاب الحديث، ويبسط رداءه لهم، ويقول: مرحبا بأحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي حديث أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: كنا إذا أتينا أبا سعيد يقول: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [إن الناس لكم تبع وإن رجالا يأتونكم من أقطار الارض يتفقهون، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا. وفي رواية [يأتيكم رجال من قبل المشرق] .. فذكره.

هذا والحمد لله رب العالمين

أخوكم/

رأفت الحامد بن عبد الخالق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير