تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الوصية المفقودة]

ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[10 - 04 - 08, 12:42 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

ما أحوجنا إلى آباء صالحين حريصين على إصلاح أبنائهم، ما أحوجنا إلى آباء يقدمون وصايا مفيدة لأبنائهم جرياً على سنة أبينا إبراهيم عليه السلام الذي قال الله عز وجل عنه " ووصَّى بها إبراهيم بنيه".سورة البقرة. وحرصاً على صلاح الأبناء كان السلف الصالح يقدمون لأبنائهم النصائح الغالية وما يرونه مفيداً في الدين والدنيا، وهذا ما أوصي به الربيع بن خيثم ابنه قائلاً:يا بني إني قد وسمت لك وسما ووضعت لك رسما ان انت حفظته ووعيته وعملت به ملأت أعين الملوك وانقاد لك به الصعلوك ولم تزل مرتجى مشرفا يحتاج اليك ويرغب إلى ما في يديك فأطع اباك واقتصر على وصيةابيك وفرغ لذلك ذهنك واشغل به قلبك ولبك، اياك وهذر الكلام وكثرة الضحك والمزا ح ومهازلة الإخوان فإن ذلك يذهب البهاء ويوقع الشحناءوعليك بالرزانة والتوقر من غير كبر يوصف منك ولا خيلاء تحكي عنك والق صديقك وعدوك بوجه الرضى وكف الأذى من غير ذلة لهم ولا هيبة منهم وكن في جميع أمورك في أوسطها فإن خير الأمور أوساطها وقلل الكلام وأفش السلام وامش متمكنا قصدا ولا تخط برجلك ولا تسحب ذيلك ولا تلو عنقك ولا ردائك ولا تنظر في عطفك ولا تكثر الالتفاف ولا تقف على الجماعات ولا تتخذ السوق مجلسا ولا الحوانيت متحدثا ولا تكثر المراء ولا تنازع السفهاء

فإن تكلمت فاختصر وإن مزحت فاقتصرواذا جلست فتربع وتحفظ من تشبيك أصابعك وتفقيعها والعبث بلحيتك وخاتمك وذؤابة سيفك وكثرة طرد الذباب عنك وكثرة التثاؤب والتمطى وأشباه ذلك مما يستخفه الناس منك ويغتمزون به فيك وليكن مجلسك هاديا وحديثك مقسوما وأصغ إلى الكلام الحسن ممن حدثك بغير إظهار عجب منك ولا مسألة إعادة وغض عن الفكاهات من المضاحك والحكايات ولا تحدث عن إعجابك بولدك ولا جاريتك

ولا عن فرسك ولا عن سيفك واياك وأحاديث الرؤيا فإنك إن أظهرت عجبا بشيء منها طمع فيها السفهاء فولدوا لك الأحلام واغتمزوا في عقلك ولا تصنع تصنع المرأة ولا تبذل تبذل العبد ولا تهلب لحيتك ولا تبطنها وتوق (يعني احذر) كثرة الحف ونتف الشيب وكثرة الكحل وليكن كحلك غبا ولا تلح في الحاجات ولا تخشع في الطلبات

ولا تعلم أهلك وولدك فضلا عن غيرهم عدد مالك فإنهم إن رأوه قليلا هنت عليهم وإن كان كثيرا لم تبلغ به رضاهم وأخفهم في غير عنف ولن لهم قي غير ضعف ولا تهازل أمتك واذا خاصمت فتوقر وتحفظ من جهلك وتجنب عن عجلتك وتفكر في حجتك وأر الحاكم شيئا من حلمك ولا تكثر الأشارة بيدك

ولا تحفز على ركبتيك وتوق حمرة الوجه وعرق الجبين وإن سفه عليك فاحلم وإذا هدأ غضبك فتكلم وأكرم عرضك وألق الفضول عنك وإن قربك سلطان فكن منه على حد السنان،وإن أسترسل اليك فلا تأمن من انقلابه عليك،وارفق به رفقك بالصبي وكلمه بما يشتهي ولا يحملنك ما ترى من الطافه إياك وخاصته بك أن تدخل بينه وبين أحد من ولده وأهله وحشمه وإن كان لذلك منك مستمعاوللقول منك مطيعا فإن سقطه الداخل بين الملك وأهله صرعة لا تنهض وزلة لا تقال وإذا وعدت فحقق وإذا حدثت فاصدق، ولا تجهر بمنطقك كمنازع الأصم ولا تخافت به كتخافت الأخرس، وتخير محاسن القول بالحديث المقبول،وإذا حدثت بسماع فانسبه إلى أهله وإياك الأحاديث العابرة المشنعه التي تنكرها القلوب وتفق لها الجلود، وإياك ومضعف الكلام مثل نعم نعم ولا لا وعجل عجل وما أشبه ذلك

ولا تكثر الاستسقاء على مائدة الملك، ولا تعبث بالمشاش ولا تعب شيئا مما يقرب اليك على مائدة بقلة خل أو تابل أو عسل فإن السحابة قد صيرت لنفسها مهابة

ولا تمسك إمساك المثبور ولا تبذر تبذير السفيه المغرور، واعرف في مالك واجب الحقوق

وحرمة الصديق واستغن عن الناس يحتاجوا اليك، واعلم ان الجشع يدعو إلى الطبع والرغبة كما قيل تدق الرقبة ورب أكله تمنع أكلات والتعفف مال جسيم وخلق كريم ومعرفة الرجل قدره تشرف ذكره،ومن تعدى القدر هوى في بعيد القعر والصدق زين والكذب شين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير