تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المسحور بين المؤاخذة وعدمها]

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[10 - 04 - 08, 07:31 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين

اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

المسحور بين المؤاخذة وعدمها.

إجابة الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي مراجعة وإجازة الشيخ سعد الحميد

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،

أرجو من فضيلتكم أن تُجيبوني على سؤالي: هل الإنسانُ مُحاسبٌ على ما يفعله حالَ ما يكون مسحورًا؟

الجواب:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فمِنَ المعلوم بدلالة الحِسِّ والمُشاهدة أنَّ السِّحر له تأثيرٌ على المسحور، وقد دلَّ عليه أيضا الكتابُ والسُّنَّة والإجْماع؛ قال اللهُ تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: 102]، وفي الصحيحين عن عائشةَ أنَّها قالتْ: "سُحِرَ النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتَّى كان يُخَيَّل إليْهِ أنَّه يفْعَلُ الشَّيْءَ وما يَفعَلُه"، وفي رواية لِلبُخاري: "يُخيَّل إليه أنَّه يأْتِي أهلَه ولا يأتي"، ويتغيَّر تأثيرُ السِّحر على الإنسان بِحَسَبِ قوَّتِه.

ولكنْ لمَّا كانتْ أحوال المبتَلين بالسحر تَختلف من شخص لآخَرَ، فيختلف تبعا لذلك المؤاخذة بالأفعال أو عدم المؤاخذة:

فإن كان الشخصُ المسحور يَعِي ما يقولُه أو يفعله، وله اختيار وقصد وإنَّما تأتيه أشياءُ من جنس الخواطر ولا يثبُت عليها فإنَّه يؤاخَذُ بها شرعًا.

وأمَّا إن كان مغلوبًا ولا يعي ما يقول، أو يفعَل، ولا قَصْدَ له فيه، فلا مؤاخَذة عليه إن شاء الله تعالى؛ لأنَّه أشْبَهَ النَّاسيَ أوِ الذَّاهِلَ أو المُكْرَه على الفعل وأحيانًا يكون أشبه بالمجنون؛ قال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 5]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الله تَجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))؛ رواه ابن ماجه وابن حبَّان.

وثبت أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثةٍ: عنِ النَّائِمِ حتَّى يَستَيْقِظَ، وعنِ الصَّبِيِّ حتَّى يَحتلِمَ، وعنِ المَجنون حتَّى يعقِل))؛ رواه أبو داود عن علي بن أبي طالب.

ومِنَ المقرَّر في الشريعة أنَّ العَقْلَ مناطُ التَّكليف، فإذا غُيبَ العقْلُ بِسِحْرٍ أوْ غَيْرِه ارْتَفَعَ التَّكليف.

قال ابن قدامة: "أجمع أهل العلم أنَّ الزائل العقل بغير سُكْرٍ أو ما في معناه، لا يَقَعُ طلاقُه".

وعليه؛ فإذا أزالَ السِّحرُ العقلَ، أو سَلَبَ الإرادة والقَصْدَ، فلا يُعْتَدُّ بِما صدر من المسحور من أفعال وأقوال؛ لفقده العَقْلَ الذي هو مناطُ التكليف، وأمَّا إذا لم يُفْقِدْه السحر عَقْلَه فإنه يكون مؤاخَذًا بأفعالِه، وإنْ كان يُسْلَبُ أحيانًا ويُفيقُ أحيانًا أُخْرى فيؤاخَذ حالَ الإفاقة دون غيْرِها،، والله أعلم.

على رابط / http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?FatwaID=2739

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير