تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن القيم:) فهذه خمسة أشياء: (مدخل الصدق)، و (مخرج الصدق)، و (لسان الصدق)، و (قدم الصدق)، و (مقعد الصدق) وحقيقة الصدق في هذه الأشياء هو: الحق الثابت المتصل بالله الموصل إلى الله، وهو ما كان به وله من الأقوال والأعمال، وجزاء ذلك في الدنيا والآخرة, ف (مدخل الصدق، ومخرج الصدق) أن يكون دخوله وخروجه حقاً ثابتاً بالله وفي مرضاته بالظفر بالبغية وحصول المطلوب ضد مخرج الكذب ومدخله الذي لا غاية له يوصل إليها، ولا له ساق ثابتة يقوم عليها كمخرج أعدائه يوم بدر, ومخرج الصدق كمخرجه هو وأصحابه في تلك الغزوة، وكذلك مدخله المدينة كان مدخل صدق بالله ولله وابتغاء مرضاة الله فاتصل به التأييد والظفر والنصر وإدراك ما طلبه في الدنيا والآخرة بخلاف مدخل الكذب الذي رام أعداؤه أن يدخلوا به المدينة يوم الأحزاب فإنه لم يكن بالله ولا لله بل كان محادة لله ورسوله؛ فلم يتصل به إلاّ الخذلان والبوار، وكذلك مدخل من دخل من اليهود المحاربين لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصن بني قريظة فإنه لما كان مدخل كذب أصابه معهم ما أصابهم فكل مدخل معهم ومخرج كان بالله ولله وصاحبه ضامن على الله فهو مدخل صدق ومخرج صدق، وكان بعض السلف إذا خرج من داره رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إني أعوذ بك أن أخرج مخرجاً لا أكون فيه ضامناً عليك يريد أن لا يكون المخرج مخرج صدق، ولذلك فسر مدخل الصدق ومخرجه بخروجه من مكة ودخوله المدينة، ولا ريب أن هذا على سبيل التمثيل فإن هذا المدخل والمخرج من أجل مداخله ومخارجه وإلاّ فمداخله كلها مداخل صدق ومخارجه مخارج صدق إذ هي لله وبالله وبأمره ولابتغاء مرضاته, وما خرج أحد من بيته ودخل سوقه أو مدخلاً آخر إلا بصدق أو بكذب فمخرج كل واحد ومدخله لا يعدو الصدق والكذب) ا, ه.

الوقفةالرابعة: الحث على الصدق في السنة النبوية المطهرة:

ورد في السنة أحاديث كثيرة في فضل الصدق منها:

1 - عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، وما يزال العبد يكذب، ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً. رواه البخاري ومسلم.

- قال ابن العربي: بين أن الصدق هو الأصل الذي يهدي إلى البر كله، وذلك لأن الرجل إذا تحرى الصدق لم يعص أبداً؛ لأنه إن أراد أن يشرب أو يزني أو يؤذي خاف أن يقال له زنيت أو شربت فإن سكت جر الريبة، وإن قال: لا، كذب، وإن قال: نعم، فسق، وسقطت منزلته وذهبت حرمته.

2 - عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم" .. ,أخرجه الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد ..

3 - عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا زعيم ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحاً. رواه البيهقي. قال الألباني (حسن) , صحيح الترغيب والترهيب [3/ 6]

4 - لما سأل هرقل ابا سفيان (رضي الله عنه): فماذا يأمركم؟ يعني النبي صلى الله عليه وسلم, قال ابو سفيان: (اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة) رواه البخاري

-5 وقيل له صلى الله عليه وسلم, من خير الناس؟ قال: (ذو القلب المخموم واللسان الصادق) , رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

الوقفةالخامسة: من أقوال السلف في الصدق:

- ورد عن السلف كلام حول الصدق وحقيقته فمنه:

1 - قول عمر رضي الله عنه: (عليك بالصدق وإن قتلك).

2 - وقال عمر بن الخطاب أيضاً: (لأن يضعني الصدق أحب إليّ من أن يرفعني الكذب).

3 - وقال الحسن البصري: (إن أردت أن تكون مع الصادقين فعليك بالزهد في الدنيا والكف عن أهل الملة).

4 - وقال أحمد بن حنبل: (لو وضع الصدق على جرح لبرأ).

5 - وقال عبدالواحد بن زيد: (الصدق الوفاء لله بالعمل).

6 - وقال بشر الحافي: (من عامل الله بالصدق، استوحش من الناس.)

7 - وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله

(ما كذبت مذ علمت أن الكذب يشين صاحبه)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير