تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عن صالح بن كيسان: اجتمعت أنا وابن شهاب ونحن نطلب العلم، فاجتمعنا على أن نكتب السنن، فكتبنا كل شئ سمعنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: نكتب ما جاء عن أصحابه، فقلت: ليس بسنة، فقال: بل هو سنة.

فكتب ولم أكتب، فأنجح وضيعت.

والحقيقة أن الواقع يثبت ما لهذه الآثار من أهمية كبرى في حفظ السنة النبوية، فهذه الآثار يدور حولها النقاد فتساعدهم في التصحيح والتضعيف، وبعض الأحاديث يختلف النقاد في وقفها ورفعها.

وفهم الصحابة للنص الشرعي حجة عند أهل العلم.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:

(وَقَدْ تَأَمَّلْت مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا شَاءَ اللَّهُ فَرَأَيْت الصَّحَابَةَ أَفْقَهَ الْأُمَّةِ وَأَعْلَمَهَا وَاعْتُبِرَ هَذَا بِمَسَائِلِ الْأَيْمَانِ بِالنَّذْرِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمَسَائِلِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنْت فِيمَا كَتَبْته أَنَّ الْمَنْقُولَ فِيهَا عَنْ الصَّحَابَةِ هُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ قَضَاءً وَقِيَاسًا وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ وَكُلُّ قَوْلٍ سِوَى ذَلِكَ تَنَاقُضٌ فِي الْقِيَاسِ مُخَالِفٌ لِلنُّصُوصِ. وَكَذَلِكَ فِي مَسَائِلِ غَيْرِ هَذِهِ مِثْلَ مَسْأَلَةِ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ وَمَسْأَلَةِ مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ. وَمَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ الْمَسَائِلِ لَمْ أَجِدْ أَجْوَدَ الْأَقْوَالِ فِيهَا إلَّا الْأَقْوَالَ الْمَنْقُولَةَ عَنْ الصَّحَابَةِ. وَإِلَى سَاعَتِي هَذِهِ مَا عَلِمْت قَوْلًا قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ إلَّا وَكَانَ الْقِيَاسُ مَعَهُ لَكِنَّ الْعِلْمَ بِصَحِيحِ الْقِيَاسِ وَفَاسِدِهِ مِنْ أَجَلِّ الْعُلُومِ وَإِنَّمَا يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ خَبِيرًا بِأَسْرَارِ الشَّرْعِ وَمَقَاصِدِهِ؛ وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ شَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ مِنْ الْمَحَاسِنِ الَّتِي تَفُوقُ التَّعْدَادَ؛ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ مَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ؛ وَمَا فِيهَا مِنْ الْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ وَالرَّحْمَةِ السَّابِغَةِ؛ وَالْعَدْلِ التَّامِّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.)

وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الصَّحَابَةِ: رَأْيُهُمْ لَنَا خَيْرٌ مِنْ رَأْيِنَا لِأَنْفُسِنَا، وَنَحْنُ نَقُولُ وَنُصَدِّقُ أَنَّ رَأْيَ الشَّافِعِيِّ وَالْأَئِمَّةِ مَعَهُ لَنَا خَيْرٌ مِنْ رَأْيِنَا لِأَنْفُسِنَا.

وقال ابن القيم:

وَلَمَّا اخْتَلَفُوا إلَى ابْنِ مَسْعُودٍ شَهْرًا فِي الْمُفَوَّضَةِ قَالَ: أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي، فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ، وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنْ الشَّيْطَانِ، وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيءٌ مِنْهُ، أَرَى أَنَّ لَهَا مَهْرَ نِسَائِهَا لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، فَقَامَ نَاسٌ مِنْ أَشْجَعَ فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي امْرَأَةٍ مِنَّا يُقَالُ لَهَا بِرْوَعَ بِنْتُ وَاشِقٍ مِثْلَ مَا قَضَيْت بِهِ، فَمَا فَرِحَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِشَيْءٍ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحَهُ بِذَلِكَ.

وَحَقِيقٌ بِمَنْ كَانَتْ آرَاؤُهُمْ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ أَنْ يَكُونَ رَأْيُهُمْ لَنَا خَيْرًا مِنْ رَأَيْنَا لِأَنْفُسِنَا، وَكَيْفَ لَا وَهُوَ الرَّأْيُ الصَّادِرُ مِنْ قُلُوبٍ مُمْتَلِئَةٍ نُورًا وَإِيمَانًا وَحِكْمَةً وَعِلْمًا وَمَعْرِفَةً وَفَهْمًا عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَنَصِيحَةً لِلْأُمَّةِ، وَقُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ نَبِيِّهِمْ، وَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَهُمْ يَنْقُلُونَ الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ مِنْ مِشْكَاةِ النُّبُوَّةِ غَضًّا طَرِيًّا لَمْ يَشُبْهُ إشْكَالٌ، وَلَمْ يَشُبْهُ خِلَافٌ، وَلَمْ تُدَنِّسْهُ مُعَارَضَةٌ، فَقِيَاسُ رَأْيِ غَيْرِهِمْ بِآرَائِهِمْ مِنْ أَفْسَدِ الْقِيَاسِ.

.............

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير