تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأمر الأكثر مرارة وألما - ولا ندرى كيف لم يدركه الأستاذ شوباشى – أن نراه يردد أقوال المستشرقين من أن القرآن قد نزل لقوم بعينهم وفى زمن بعينه، وأن اللغة العربية كما ورثناها لا تلائم العصر، ويعتبر- مثلهم - أن الثبات على الأسس الواضحة والثوابت التراثية الراسخة عبارة عن " تخلّف وتحجّر"! .. وتكرار أن الجامعات الأمريكية والغربية تقوم بتدريس اللهجات العامية لذلك علينا أن نحذو حذوهم ونساهم في اقتلاع لغتنا بأيدينا .. وأن اللغة العربية أصبحت إحدى العقبات فى سبيل انطلاق العقل العربي، لذلك نراه يدعو صراحة: " لنقم نحن بثورة فى اللغة العربية اليوم بدلا من أن يُفرض علينا الأمر الواقع " .. أي ما معناه ليكن الهدم بيدنا لا بيد عمرو كما يقول، أم ترى التعليمات قد صدرت بالفعل بذلك الهدم، وأن هذا الكتاب وغيره ليس إلا من قبيل التمويه أو من باب العلم والإحاطة؟ ..

ولا نفهم أي معنى لإقحام فصل بأسره بعنوان " المسيحيون والعربية "؟! هل أصبحت المسيحية والمسيحيون من المقررات المفروض حشرها فى كل شىء أم ما الذي أصابنا؟! إن ما يخرج به القارىء من محتويات هذا الفصل لا يحسب لهم بل عليهم، وبالتالي يقلل من شأنهم .. فهم "وحدهم" الذين برعوا فى العلوم، وهم "وحدهم" الذين قاموا بعمليات الترجمة أيام عصر الظلومات الغربية والتي بفضلها قامت النهضة الأوروبية - وكأنه بذلك يسحب البساط من تحت أقدام علماء المسلمين ليرجع الفضل كله فى النهضة الأوروبية إلى النصارى وحدهم، وهم "وحدهم" الذين أدخلوا المطابع بالحروف العربية، ثم يدرج أسماء القساوسة والآباء الذين أدخلوها وأسماء الأديرة المختلفة الملل التى تنافست على طباعة كتاب المزامير والأناجيل .. والغريب هنا أن المؤلف لم يدرك أن ذلك الحماس يدخل تحت باب التبشير والتنصير!! وهم "وحدهم" - وفقا لكتاب الأب لويس شيخو - الذين كانوا يمثلون كافة الشعراء فى عصر الجاهلية قبل الإسلام ..

والغريب أن مارون عبود المسيحى قد انتقد ذلك القول كما يورد الشوباشى فى نفس الكتاب، فلمَ إذن حشر هذه المعلومة غير الصادقة لمجرد الإيحاء، كما زعم الأنبا يوحنا قولته في كتابه عن المسيحية و الألف الثالثة، أن كل منطقة الجزيرة العربية وكل ما يحيط بها من بلدان حتى مصر كانوا مسيحيين؟! و إقحام أن اللغة العربية " قد وجهت ضربة قاضية إلى كل اللغات التى كانت متداولة فى المنطقة وأهمها الآرامية وهى لغة المسيح عليه السلام والقبطية وهى لغة أهل مصر قبل الفتح" ..

ما معنى كل ذلك الخلط التاريخى – لكى لا نقول التحريف المتعمّد للتاريخ بغية الإعلاء من شان المسيحيين فى المنطقة؟ فالآرامية بها ملامح كثيرة باللغة العربية، وقد انقسمت إلى ثلاث لهجات فى القرن الثامن قبل الميلاد، وبعد فتوحات الإسكندر الأكبر سادت اليونانية وإن ظلت بعض اللهجات الآرامية حتى عصر الرومان واندثرت، فليس الإسلام هو الذى اقتلعها.

أما القبطية فلم تكن فى أى وقت من الأوقات لغة أهل مصر بأسرها، فقد كانت هناك اللغة الرسمية للحكام اليونان والرومان ولغات الجاليات الأخرى إضافة إلى لغة السواد الأعظم من المصريين القدماء وهى الديموطيقية بعد تطور الهيروغليفية والهيراطيقية التي تلتها .. ألم يدرك الأستاذ شوباشى أن ذلك الإقحام المبالغ فيه للوجود القبطى يدخل تحت بند الدعاية المغرضة لتنصير منطقة العالم الإسلامى الدائر حاليا وإيهام مغلوط بأن المنطقة بأسرها كانت مسيحية وعليها أن تعود إلى ما كانت عليه كما يقولون ظلما و مغالطة؟!

ما معنى هذا الإقحام الممجوج أو المفتعل للوجود المسيحي في البلدان الإسلامية والعربية؟! .. إن المسيحيين في الشرق الأوسط أقلية يبلغ عددها اثنى عشر مليونا، وفقا لإحصائية الفاتيكان الحريص عليهم، أقلية يعيشون وينتمون لكل بلد هم فيه ويساهمون في نهضته وتاريخه وحضارته على أنهم جزء لا يتجزأ من شعبه، فما العيب أو العار أو حتى الخطأ فى ذلك؟ ما معنى فرض هذا التميز وهذه السيادة الطاغية الآن؟ لمَ افتعال حساسيات لا ضرورة لها إلا إشعال الحرائق التى تبرر تدخل القوات الأمريكية – كما يطالب البعض. و يا لها من كبوة يا أستاذ شوباشى، كبوة لا تقل فداحة عن المطالبة باقتلاع اللغة العربية! ولعلمك، كون المسيحيين أقلية فى الشرق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير