تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إثماً والمقصود أيها المسلمون المقصود في الوقف أمران عظيمان أولهما التقرب إلى الله تعالى وابتغاء الأجر والثواب منه ببذل غيلة الوقف فيما يرضيه وثانيهما نفع الموقوف عليهم والإحسان إليهم وإذا كان المقصود به التقرب فإنه لا يجوز الوقف إذا كان فيه معصية لله ورسوله إذ لا يتقرب إلى الله إلا بطاعته فلا يجوز للإنسان أن يوقف على بعض أولاده دون بعض لأن الله أمر بالعدل فقال تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) والوقف على بعض الأولاد دون بعض منافي للعدل إلا أن يكون التخطيط بصفة استحقاق توجد في أحدهم دون الآخر مثل أن يوقف على الفقير من أولاده أو على طالب العلم منهم فلا بأس فإذا وقفه على الفقير من أولاده فلا حظ فيه للغني حال غناه وإذا وقفه على طالب العلم فلا حظ فيه لغير طالب العلم حال تخليه عن الطلب ولا يجوز للإنسان أن يوقف شيئاً من ماله وعليه دين لا وفاء له من غير لا وفاء له من غير ما وقفه حتى يوفي دينه لأن ذلك إضرار بغريمه ووفاء الدين أعم لأنه واجب والوقف تطوع ولا يجوز لمن أخذ قرضاً من البنك فعمر به لا يجوز أن يوقف العمارة التي عمرها من البنك حتى يوفي جميع البنك ويفك الرهن لأن ما عمر من البنك فإنه مرهون لا يجوز للإنسان أن يتصرف فيه لا ببيع ولا بوقف ولا بغيرهما إلا إذا وافقت الجهات المسؤولة عن ذلك ولا يجوز أن يوصي بوقف شئ بعد موته على بعض ورثته دون بعض لأن الله تعالى قسم المال بين الورثة وقال (فريضة من الله) وفي الآية الثانية (وصية من الله) وبين أن ذلك من حدوده وتوعد من تعداها وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث) فإذا قال الإنسان أوصيت بداري وقفاً على ذريتي وله ورثة غير الذرية كان ذلك خروجاً عن فريضة الله وإخلالاً بوصية الله وتعدياً لحدود الله ومعصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بذلك يخرج من الدنيا آثماً مأجورا ً غير مأثور لأنه جار في وصيته أيها المسلمون إذا كان المقصود بالوقف هو التقرب إلى الله عز وجل ونفع الموقوف عليهم فالذي ينبغي أن ينظر الإنسان فيما هو أقرب إلى الله وأنفع لعباده ولينظر في النتائج المترتبة على وقفه وليتجنب ما يكون سبباً للعداوة والقطيعة وليعلم أن إنفاق المال في حال الحياة والصحة خير وأفضل وأعظم أجرا لا سيما إذا كان في مصالح مستمرة كبناء المساجد وإصلاح الطرق وتأمين المياه وطبع الكتب النافعة أو شراءها وتوزيعها على من ينتفع بها وإعانة الفقير على زواجه فإن ذلك من أفضل الأعمال لأن هذا الزواج يحصن الفقير ويحصن زوجته وربما يولد بينهما صالح ينفع المسلمين فهو مصلحة وأجر لمن أعانه على زواجه ولو قدر أنه ولد بينهما ولد فاسد لم يضر المعين شيئاً لأنه لم يعنه من اجل طلب مثل هذا الولد وفي صحيح مسلم أن رجلاً قال يا رسول الله أي الصدقة أفضل وفي لفظ أي الصدقة أعظم أجرا قال (أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل البقاء ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان) وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الصدقة في حال الصحة أفضل لأنها صدقة من شخص يخاف الفقر ويأمل طول البقاء فهو شحيح بالمال لذلك بخلاف من جعل تنفيذ المال بعد يأسه من الحياة وانتقال المال للوارث وقد تصدق الله على عباده بثلث أموالهم يوصون بها بعد موتهم لأقاربهم غير الوارثين أو للفقراء أو لبناء المساجد أو غيرها من طرق الخير والبر ولا يجوز أن يوصي بشئ من ماله لبعض ورثته دون بعض وإذا أوصى الإنسان بشئ من ماله فله الرجوع في وصيته وله إبطالها وله أن يغير تنفيذها وينقصها ويزيدها في حدود ثلث المال إذن الوصية أوسع من الوقف من هذه الناحية لأن الإنسان يستطيع إبطالها وتغيرها ومن ناحية أنها جائزة ولو كان على الإنسان دين لأن الوصية لا تضر أهل الطلب لأن الموصي إذا مات وعليه دين قدم قضاء الدين على الوصية أما الوقف فينفذ في الحال وليس للواقف إبطاله ولا تغيره ولا الزيادة في تنافيذه أو النقص ولا يجوز لمن عليه دين لا وفاء له إلا برضا الغرماء أيها المسلمون امتثلوا قول الله تعالى (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير