تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلا شريعة متقبلة إلا شريعته عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} آل عمران19. وقال بعد هذه الآية مبيناً أن لا إسلام إلا دين محمد صلى الله عليه وسلم فحسب، وما عداه دين محرف منسوخ لا يستحق وصف الإسلام: {فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} آل عمران20.

ووصف أي منهاج بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم ولو كان سماوياً بـ (الإسلام) أو (الاستسلام) من الغلط المحض، بل ذلك من الكفر الصريح، إذا لم يكن ذلك على سبيل الحكاية، كما جاء في حكايات القرآن عن الأمم السابقة المنقادة لأنبيائهم المستسلمين لحكمهم، كبني إسرائيل اليهود مع موسى، والنصارى مع عيسى، فأتباع موسى لا يسمون مسلمين بعد مبعث عيسى، لأن شريعة عيسى ناسخة لشريعة موسى، ثم كانت سائر الشرائع بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم منسوخة.

فاليهود لم يؤمنوا بعيسى حينما بُعث ناسخاً لشريعة موسى، وهم والنصارى لم يؤمنوا بمحمد حينما بُعث ناسخاً لشريعة موسى وعيسى وجميع الشرائع، لهذا قال الله عنهم: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً. وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} النساء152.

وعلى هذا فكلّ منهاج وشرعة غير شرعة محمد هي في حقيقتها كفر، والمجادلة والمحاججة في ذلك مقطوعة، أياً كان المجادِل والمحاجِج ولو كان كتابياً، قال تعالى: {فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ} آل عمران20الآية كما سبق.

وفيها بيان عدم اعتبار عقائد أهل الكتاب انقياداً واستسلاماً.

وقوله {فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ} آل عمران20 فيه مسألتان مهمتان:

الأولى: أن ما هم عليه لا يعد شرعة ربانية مرتضاة، توصف بالإسلام وهو حقيقة الانقياد والاتباع، وضد الكفر والجحود والعناد، لهذا قال بعد أن وصفهم بأنهم "أهل كتاب": {فَإِنْ أَسْلَمُواْ} آل عمران20 إذ لا إسلام إلا ما يدعوهم إليه النبي الخاتم، وهم في عدم الوصف بالإسلام والوصف بالكفر كغيرهم من عباد الأوثان والأصنام.

الثانية: أنهم موصوفون بالضلال والتيه إذ لم يسلموا، لهذا جعل شرط الهداية إسلامهم بالشرعة المحمدية، وهم في الضلال والتيه وسوء العاقبة كغيرهم من المشركين سواء، في الآخرة.

وقد أمر الله نبيه بدعوتهم إلى الحق، وتبليغهم رسالته، وعدم قبول شيء منهم إلا شرعته ودينه "الإسلام"، بل بيّن حالهم أنهم يعبدون غير الله، وإن سُمُّوا "أهل كتاب" ويهوداً ونصارى، وأتباع نبي مرسل في الأصل، فهذه الأسماء والأوصاف لم تمنعهم من لحوق أحكام الكفر بهم، ووجوب خضوعهم للإسلام، قال تعالى آمراً نبيه: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} آل عمران64.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير