تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اليوم لم أجد وزيرا شهما للشؤون الدينية على تعاقبهم على كرسي الوزارة فكر في القيام بإحصاء هذه الزوايا وعدد الطلبة المنتسبين إليها قصد إلحاقها بالوزارة والإشراف عليها تعليما ونفقة ويتحصل الطالب المنتسب إليها على منحة دراسية داخلية على غرار المنح التي تقدم لتلاميذ مدارس التربية الوطنية وهم بالآلاف وأولياؤهم أغنياء، وبما أن أغلبية المؤسسات التربوية إن لم تكن كلها قد استغنت الآن عن النظام الداخلي، أليس من العدل والإنصاف أن يقتطع جزء من هذه الأموال الطائلة التي كانت مخصصة للداخليين وأنصافهم بوزارة التربية ويحول جزء إلى طلبة الزوايا وهو بالمئات حتى يتسنى لطالب الزاوية وهو جزائري فقير أن يأكل لقمة عزّ و كرامة ولا يترقب الأموات كالصقر فيساق إلى الجنائز لقراءة القرآن على الجيفة الهامدة نظير لقمة الذلّ والمهانة، ولحس طبق من المرق بعجل و لهفة، من لي بوزير جريء يقود بمبادرة طيبة بإلحاق هذه الزوايا بوزارة الشؤون الدينية قصد الإشراف عليها تنظيما و تعليما و تكوينا و نفقة، و تخصص منحة لكل طالب يلتحق بها و يختار لهم المربون المنفتحون على الثقافة الإسلامية المعاصرة و تخلص من المشرفين التقليديين الذي أشربت قلوبهم الشعوذة و البدع و الخرافات، وقد ابتليت هذه الزوايا بالمشرفين الذين يستحلون البدع الشركية المحرمة، ويشاهدون المنكر يتكرر و يباشر على مرأى منهم ومسمع ولا يغيرون ولا ينهون مع قدرتهم على التغير التدريجي، و علمهم بالتحريم، و يتبجح أحدهمجهارا بأنّه سيقوم بإحياء حلقات الذكر الجماعية التي كانت في عصر جاهلية الكفر الفرنسي، وتردد كلماته وعباراته كالببغاء و هم لا يفقهون ما ينعقون

أما القبب التي لا زوايا لها فأين تذهب أموالها؟

لا جدال أن هذه الأموال يستغلها "من يزعم أنهم من المرابطين" أنفسهم وحدهم في منافعهم الذاتية ولا يشاركهم فيها غيرهم لأنها من تسوّلات جدهم، وقد كانوا فيما مضى– ولا يزال أحيانا– ينفقونها في شراء ثيران لذبحها بمناسبة موسم الحرث الروماني الذي ورثه سكان المنطقة البربر عنهم اعتقادا منهم بالذبح يغنيهم الله بالمطر، وهذا اعتقاد فاسد وشرك في الإسلام، فقد شرع لنا الإسلام صلاة الإستسقاء بما يتضرع المسلمون إلى الله القديرويدعونه رغبا ورهبا عندما ينزل بهم بلاء الجفاف، وهذه العادة توارثها البربر– كما قلنا– عن الرومان وهي تحمل رائحة الوثنيةوتعظيم القرابين، وكان يجب على "المرابطين" وهم قدوة في الدّين عند العامة من الناس ولهم "عليماء" كما يزعمون أن يبطلوهاويحاربوها لمنافاتها للإسلام حتى يقتفي آثارهم القرى المجاورةولكنّهم تمسكوا بها لأنّ الأموال جاهزة ولأن جدّهم كفاهم مؤنة النفقة، والمرابطون يجتهدون أن تبقى أسرارهمفيمابينهمويضربون عليها أسوارا من الكتمان حتى لا ينكشف عوارهم، فحرمة زيارة قببهم و شركية الإستغاثة بوليهم والتوسل به يجب أن يبقى هذا "الحرام" مجهولا عند غيرهم من غير فصيلة دمهم حتى لا تنقطع قوافلهم وتكسد تجارة قبتهم، ومن ثمّ يمنعون الإمام ويجبرونه على ألاّ يذكر قبتهم بسوء في دروس الوعظ والإرشاد يوم الجمعة حتى لا يلفت انتباه المصلين الوافدينمن القرى المجاورة، وقد توصلوا أخيرا إلى شراء ذمة إمام وضميره وسكوته وهو من فصيلة دمهموحيّهم، بألفي دينار في كلّ صلاة جمعة تدفع له من أموال القبة وهو عن بيعه راض مستبشر، ومن بين البدع التي ابتدعوها حتى تجد أموال قبتهم سبيلا إلى الإنفاق والتبذير، هو دعوة طلبة قريتهم فقط لقراءة القرآن على روح ولي قبتهم في يوم الجمعة من كل أسبوعوهي حيلةماكرةظاهرها عمل تعبدي في نظر عميان الجهل المركب وهو غير مشروع، وباطنها استنزاف أموال القبة وإنفاقها في شهواتهم وبطونهم فيحظى بجفانها ممثلي القرية و حاشية السادن ثمّ الطلبة، وقد أخبرني أحدهم أيضا أن ما أنفق على اللحم فقط في عام واحد قدّر بملايين بخمسة، كما أخبرني أحد الطلبة أن دعوتهم لقراءة القرآن على وليّ القبة ليس إلاّ واجهة وذريعة يتمكن فيها رؤساء القرية و حاشية السادن من إشباع رغبتهم هم أولا، ولا يقدم للطلبة إلا ما فضل في القدور والموائد والجفان، ويستحيل أن يفكر أرباب القبب من المرابطين في الفقراء والمحتاجين من قريتهموخارجها من القرى المجاورة بأن يقدموا يد العون والمساعدة بمناسبة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير