الأمور وانشراح الصدور وسألت الله لهم أن يجزهم عنك خير الجزاء لماذا تجد الإنسان في بعض الأحيان يعيش في قلق قد يكون القلق حقوقاً ضيعها قد يكون القلق الغفلة عن هذه النعم التي لو أن الله منحها للعبد لأصابته الرحمات وكان الله يلطف بهم بالبلايا ولا يتسلط عليهم عدوٌّ حينما كان يحفظ الحي حق الميت يحفظ القريب حق القريب وكل يخاف من الحقوق؛ لأنه يعلم أنه لا يسلَّط عليه إلا إذا ضيعها أو فرط فيها.
سل نفسك، كم قمت من حق للوالدين.؟
وهل أنت راض عن أمك التي فارقتك وودعتك وكلها أمل أن تذكرها ولا تنساها وكلها أمل أن تذكر تلك الأيام التي خلت والحسنات التي مضت فلا تملك إلا أن تدعو لها من قلبك وتسترحم ربك لها.؟
هل تذكرت والداً طالما مسح برأسك وطالما ضمك وطالما شمك وطالما لثمك وطالما قام على حقوقك ورعاك على أحسن ما يكون الأب لابنه.؟
هل تذكرت حقه وهو اليوم غريبٌ عنك بعيدٌ عنك أحوج ما يكون إلى دعوة صادقة من قلبك أن تترحم عليه أن تذكره ولا تنساه.؟
نعم إنك إن فعلت ذلك زكاك رسول الهدى فقال-صلوات الله وسلامه عليه-: ((أو ولد صالح يدعو له)) الله أكبر، كان بعض المشايخ والعلماء يقول: من علامة صلاح العبد أن تجده لا ينسى والديه بعد موتهما فإذا وجدته كثير الترحم على الوالدين كثير الدعاء للوالدين الاستغفار للوالدين فاعلم أنه من أمارات صلاحه ذلك هل تذكرت الأعمام والعمات هل تذكرت الأخوال والخالات هل تذكرت آل كل والقرابات من الذين فجعت بهم من الأموات هل تذكرتهم الآن من أحوج ما يكونون إلى دعوة ربما تقول: ربَّ ارحم فلاناً ويكون في قبره في ضيق وكرب فيفرج الله كربه بتلك الدعوة وتكون راحماً لعبد فيرحمك الله من فوق سبع سماوات.!!
نعم ما أحوج الأموات إلى دعوة الأحياء وما أحوج الأحياء أن يتذكر الذين مضوا، وعلى الأئمة والخطباء أن ينبهوا الناس على هذه الحقوق وأن ينبهوا الناس على أموات المسلمين المحتاجين للدعوات الصالحة وأن ينبهوهم على أسباب الرحمة؛ لأن هذه من أسباب الرحمة فالراحمون يرحمهم الله، ويقف الإنسان مسترحماً بقلب حي حاضر ويعلم أن الله يحب منه ذلك وأن الله يرضى عنه في ذلك ولا يقف الأمر على القرابة فالسؤال عام لكل الناس والقرابة حقهم أكبر، والآن تذكر إذا جيت تريد أن تنظر إلى واقع القريب تذكر أنه لو حضرت منيتك تذكر لو أنك الآن في قبرك ماذا تنتظر من أولادك سؤال تسأله وتقول: سبحان الله أنسيني ابني أنسيني فلذة كبدي هكذا يُغفَل عن كل إنسان.!!
ينتظر أموات المسلمين ينتظرون الدعوات ينتظرون صالح الدعوات ينتظرون الترحم عليهم فهذه أمور كلها مسنونة مشروعة ومن وشائج الإسلام أن الله لم يقطع أخوة الإسلام بالموت فالأخلاء يتقاطعون ويتباعدون بمجرد الموت؛ لكن أخوة الإسلام تبقى شافعة نافعة حتى في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} فهؤلاء لا تنقطع أخوتهم لكن المتقين المتقون الصالحون الذين يرعون الحقوق ويقومون بها، وأما عموم المسلمين أموات المسلمين عموماً فلا يذكرون إلا بكل خير قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((اذكروا محاسن موتاكم))
كم من أخٍ لك ومحب لك بينك وبينه ود وحب هل تذكرت تلك الأيام الماضيات وترحمت عليه وزرت أهله بعد موته أو وجدت عندهم حاجة قضيتها أو كربة فرجتها وفاءً لأخيك.؟
فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول: ((حفظ العهد من الإيمان))، وأذكرُ من أهل الود والأخوة الصادقة من يضرب به المثل في الترحم على الأموات من إخوانه وأصدقائه.
حتى إني أذكر بعض أصدقاء الوالد-رحمه الله- يقول: وكان من قُوَّام الليل، ومد الله في عمره وعمِّر-رحمه الله برحمته الواسعة- وعمر على صحة وعافية، ولكنه كان لا يترك قيام الليل، وكان يقولون من أعظم الأسباب التي يعافي الله بها العبد ويدفع عنه بها البلاء والشرور قيام الليل، فكان-رحمه الله- محافظاً على قيام الليل، وكان ذات مرة تذاكر أمر في حق سأله بعض القرابة وكان من أعز أصدقاء الوالد حتى إنه-رحمه الله- لما خرجنا من البقيع بعد دفن الوالد-رحمه الله- وقف وبكى كالطفل وقال: أقسم بالله العظيم وكان عنده ولد كقرة عين، والله من أبر الناس به وكان لا يساوي بهذا الولد وكان يقول: أقسم بالله العظيم لموت ابني هذا أهون علي من موت الشيخ المختار-رحمه الله- من شدة المحبة ومن شدة الأخوة.!!
فهذا الرجل كان يقول-رحمه الله-: والله إني لأسمي أصحابي في جوف الليل واحداً واحداً، ما يقول ربَّ اغفر لي ولأصحابي ولأخواني إنما يتذكرهم رجلاً رجلاً حتى يكون ذلك ادعى لتذكر فضائلهم وأخوتهم.!
هل الإسلام إلا حفظ الحقوق، الإنسان يقال له ملتزم وصالح ومع ذلك قل أن يفعل الخير له ولأقرب الناس منه ثم يدعي أنه على التزام وصلاح!!
أين الالتزام وأين المحبة الصادقة لله إذا لم تشبها الرحمة والله يقول لنبيه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً} فالالتزام هو الرحمة أن ترحم وترحَم حتى تُرحم وجرب ذلك وستجد أثره.
أُذكرْ قرابتك أموات المسلمين وأكثر من الترحم عليهم وذكر محاسنهم والكف عن مساوئهم وأحْي ذلك في إخوانك وأخواتك وقرابتك يجلس الإنسان مع إخوانه وأخواته ويقول لهم: يا إخوان ويا أخوات هل تتذكرون والدي ووالدتي هل لكم أن تترحموا عليهم يذكرهم بهذه الحقوق حتى يكون مباركاً أين ما كان آمراً بالخير رحمة بالمسلمين- ونسأل العظيم رب العرش الكريم في هذه الساعة بعزته وجلاله وعظمته وكماله ورحمته التي وسعت كل شيء أن يسبغ شآبيب الرحمات على قبور المؤمنين والمؤمنات - اللهم اغفر لهم مغفرة تامة كاملة يا حي يا قيوم نسألك بعزتك وجلا لك ألا تفتنا بعدهم ولا تحرمنا أجرهم وأن تحسن لنا العاقبة من بعدهم إنك ولي ذلك والقادر عليه -، والله - تعالى - أعلم.
¥