تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما بعد فتلك الظاهرة المسماة بمباحث التنمية الذاتية هذه قد بدأت في الظهور على الساحة الفكرية بانتشار واسع تحت هذا المسمى (التنمية الذاتية أو البشرية) منذ عهد قريب من الزمان! ولكنها في أصلها وحقيقتها ليست جديدة على الاطلاق! انما هي عنوان جديد فضفاض يدخل تحته محيط واسع من النظريات والأفكار والمعتقدات القديمة والأساطير وتتداخل فيه مجالات بحثية كثيرة بداية من علم النفس وعلم الاجتماع والطب ووصولا الى التنجيم والسحر والوثنية والشعوذة ووحدة الوجود! ولعل هذا التشابك المعقد بين رايات العلوم والنحل المختلفة التي تتحرك تحتها تلك الممارسات وتصطبغ بها عند أصحابها هو السبب في وقوع اللبس الكبير على كثير من فضلاء المسلمين واغترارهم بها، حتى رأينا بعض المشتغلين بالدعوة يتدربون عليها ويمارسونها ويتمسكون بموقف التفصيل وليس الاجمال عند الحكم على تلك الممارسات بصفة عامة، ويزعمون امكان تنقيتها وأسلمتها والانتفاع بها!

ولكن الذي ننتصر له ها هنا انما هو القول المجمل الذي ذهب اليه عدد غير قليل من أكابر العلماء الذين تناولوا القضية وحققوا فيها تصورا يكفي لاطلاق حكم شرعي، فموقفهم يؤيده التأمل الشامل لأصل المسألة وجذورها وما تروجه تلك الممارسات بين المسلمين، وهو ما يقدم درءه على جلب منافع أخرى واقعة أو متوهمة في المقابل قد تظهر عند التفصيل في بعض تلك الممارسات، والله أعلم.

وجريا على سنة العلماء في البدء بشرح المصطلح، دعونا نبدأ أولا بسؤال خبراء الغرب – الذين باعوا تلك السلعة الخبيثة بيننا وروجوا لها والذين تتلمذ عليهم اخوتنا المفتونون بهذا الأمر هداهم الله - عما يقصدونه بالضبط من قولهم (التنمية البشرية أو الذاتية) ..

التنمية البشرية هي كما يعرفها أصحابها: تنمية قدرات الانسان وتحسين أدائه على كافة الأصعدة، الشخصية، والمادية، والروحية، والمهارية، .. الخ.

انك ان سمعت هذا الكلام قلت ما أحسن هذا! كل انسان يريد أن يكون فائزا في الدنيا موفقا في كل ما يعمل .. ولكن ظاهر الأمر الرحمة، وباطنه من قبله العذاب!

فهي وباختصار، البديل "العصري" New Age الذي اكتشف السفهة بظنونهم النجسة أنه لابد من وضعه لاصلاح ما يمكن اصلاحه من فساد نفوسهم وتصوراتهم، فيكون لهم (نمط حياة) يضبط لهم كل شيء، لعلهم يجدون فيه الغنية عما ينقصهم اذ رموا الدين الحق وشرعة السماء وراء ظهورهم! فهو نمط حياة بالفعل، نمط مبرمج مرتب يتحتم على من يدخل فيه أن يسلم له نفسه وأن يخضع له خضوعا كاملا حتى يؤتي معه ثماره المزعومة! يأمرونه بأن يفعل كذا وكذا وأن يمارس كذا وكذا وأن يواظب على كذا وكذا، فيدعون أنه اذا ما فعل، تحقق له النجاح والفاعلية في حياته كما يزعمون. وهو يأتيهم طائعا راغبا مؤمنا مصدقا واضعا كافة عقائده وأفكاره بين أيديهم ليعيدوا صياغة حياته من جديد! يسلم لهم كما نسلم نحن لله!

فان قلنا لهم أن يا سفهاء، لماذا تنكرون علينا وتلوموننا اذ نسلم عقولنا وقلوبنا للذي خلقنا ليصلح لنا حياتنا بما شرع وأمر وأنتم تسلمون أنفسكم للمشعوذين والدجاجلة والفلاسفة والأفاكين، قالوا بل أنتم السفهاء ولا عقل لكم!! ان البشر جميعا لا غنى لهم عن نظام دقيق يرتب وينظم حياتهم ويأمرهم بالحكمة ويوجههم الى ما فيه صلاحهم تفصيلا في كل شيء، وهؤلاء يقرون بذلك ان لم يكن بالمقال فبلسان الحال! فان قلت لهم خذوه اذا من وحي السماء قالوا هذه أساطير الأولين! فهذا أمر نعهده ونفهمه فيهم لأنهم قوم سفهاء ضالة لا سبيل لهم ولا هداية ولا نور، وقد نبأنا القرءان بأحوالهم! ولكن الذي لا يمكن السكوت عليه، هو أن يصبح أصحاب الحق وحملة وحي السماء وشرعة رب العالمين التي لا تستقيم حياة انسان الا بها، وبها وحدها، منقادين لما خرج من زبالة عقول هؤلاء المرضى بهذه الصورة المخزية!! فان كلمتهم قالوا لك هذا علم! هذا نفع للمسلمين فلم لا نأخذ به؟؟! فانا لله وانا اليه راجعون!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير