تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من نوع أخطر! فهو اعتقاد ليس قوامه أسباب مادية وانما يقوم على أمر غيبي باطني مزعوم في داخل الانسان يجعله – ان هو أحسن اخراجه واستدعائه والاعتماد عليه – قادرا على فعل أي شيء يريده! فهذا، بالاضافة الى الطاقة الاسطورية التي يتكلم أهل البرمجة عنها، وما يقولونه من كونها مبثوثة في أصل كل شيء في العالم، الى جانب ما يلبسون به على الخلق في مسألة الاتصال بالكون والطبيعة وما الى ذلك، كل هذا مؤداه – وهو أخطر من شرك التوكل - الى وحدة الوجود والى اعتقاد الحلول وغيره من عقائد وفلسفات الوثنيين!

ثم ان هناك فرقا – حتى لا يقع اللبس – بين اكتشاف موهبة أو قدرة فذة من عند الله تعالى في انسان ما، وتنميتها فيه، وبين اغراقه في التوكل على قدرة موجودة فيه أو متوهمة واستبطانها في نفسه على نحو ما يصنعه البرمجيون! فأنا ان وجدت في ولدي القدرة الفذة على سرعة الحفظ – مثلا – فاني أدربه على استخدامها استخداما جيدا وأنميها فيه من غير أن أقول له "ثق في قدرتك أو في عقلك الباطن"!! والذي تظهر عليه الموهبة لا يحتاج لمن "يخرجها له"! أما الذي يصنعه المبرمجون فعلى العكس من ذلك! انه ليس تنمية لموهبة موجودة ظاهرة بالفعل، وانما هو ايهام بقدرة باطنة يحاولون اخراجها من كل من يأتيهم!!

ونحن وان كان الانصاف يحملنا على الاقرار بأن الكتاب المذكور فيه جملة نصائح نافعة لحفظ القرءان الا أن فيه من دخن البرمجة وأبوابها ما ترجح به كفة المفسدة!

وبيانا للحق ونصحا له نعود ونؤكد على مسألة مهمة للغاية وهي أنه ليس كل من يضع برنامجا مفصلا للحفظ يكون قائما في برنامجه على البرمجة العصبية أو على أفكارها! وقد أوردنا مثالين فيما تقدم لبرنامج لا يحتاج الى دورات أو مراكز أو نحو ذلك ولا علاقة له بشيء من ذلك الفكر الوافد الخبيث. فليحذر الدعاة وطلبة العلم من التحمس بلا روية ودراية وبصيرة فيكونون بذلك سببا في سد أبواب للخير أمام المسلمين من حيث يحسبون أنهم بذلك يصونون جناب التوحيد ويقفون على ثغر من ثغوره، وليكن منهجنا هو منهج أهل العلم والفقه في حسن تصور الشيء قبل الحكم عليه، من خلال قراءته ومراجعته والتحري عنه.

ولأضرب مثالا آخر على برامج طيبة لا علاقة لها بالبرمجة العصبية وغثائها، أورد اليكم برنامجا أعده الشيخ الدكتور علي بن عمر بادحدح ونشره على موقعه (اسلاميات). والبرنامج طيب جدا وفيه ملاحظات وافرة من محفظ خبير بأخطاء الحفظ وعليم بالأمور التي يقع فيها الطلاب في المقارئ فتعرقل حفظهم وتضعفه أو تبطئ من سيرهم فيه، وهي معروضة في صورة برنامج مفصل أيضا (وأعني بالبرنامج جدولا زمنيا مفصلا لانجاز الحفظ بصورة نظامية في أوراد ثابتة في مدة محددة كما يأتي بعد). يقول الشيخ ممهدا له:

"وقبل البداية نحتاج إلى ثلاثة أمور

أ - إخلاص النية.

ب - وإصلاح العمل.

ج - وإذكاء الأمل.

إخلاص النية

فكل عمل بلا إخلاص هباء، وكل عمل لا يراد به وجه الله - عز وجل - لا يكتب له التوفيق، ولا ينتهي إلى الغاية المحمودة، ولا يصيب الأمل المنشود ونحن نعلم ذلك وتدل عليه نصوص كثيرة.

وأما إصلاح العمل

فإن الله - جلا وعلا - قد قال: {واتقوا الله ويعلمكم الله}، ونحن نعلم أن العمل الصالح هو الذي يورث نور القلب، وانشراح الصدر، وسكينة النفس، وحدة الذهن، وقوة الحافظة، وسلامة الجوارح؛ فإن الله - جلا وعلا - يمنُّ على من استخدم جوارحه في طاعته ومرضاته، وسخر بدنه وملكاته فيما يحب الله ويرضى .. يمنُّ الله - جلا وعلا - عليه بحفظ حواسه وسلامتها له ويزيده فيها ما يميزه عن غيره بإذن الله - عز وجل - وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: " إن العبد ليحرم العلم بالذنب يصيبه "، وكما قال الله جلا وعلا: {واتقوا الله ويعلمكم الله}؛ فإن من أراد أن يتهيأ لحفظ القرآن، وطلب العلم، ومعرفة الحق والاستزادة من الفقه في الدين فإن طريقه أن يتطهر قلبه ويزكي نفسه بإصلاح العمل وإصلاح القصد لله سبحانه وتعالى.

وأما إذكاء الأمل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير