تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ألَمْ يَعْلَمُوا (أيْضًا) أنَّ دُعَاةَ العَامِيَّةِ: هم دُهَاةُ حَرْبٍ، ومِعْوَلُ هَدْمٍ، بَلْ سُوْسَةُ نَخْرٍ في جِسْمِ الأمَّةِ المَرْحُوْمَةِ؟ ... فلْيَحْذَرِ المُسْلِمُ مِنْ سَنَنِ طَرَائِقِهِم، وليَتَجَنَّبْ سَبِيْلَهُم؛ فإنَّ لهُم طَرَائِقَ مُلْتَوِيَةً في بَثِّ النَّعَرَاتِ الجَاهِلِيَّةِ، كَما هُوَ مَاثِلٌ في دَعْوَتِهِم إلى الشِّعْرِ «النَّبَطِيِّ»، ولاسِيَّما فيمَا تَبَنَّتْهُ القَنَوَاتُ الفَضَائِيَّةُ مِنْ خِلالِ مُسَابَقَةِ «شَاعِرِ المَلْيُوْن»!

نَعَم؛ فَإنَّ بِسَاطَ الخَوْفِ لم يَزَلْ في تَمَدُّدٍ مِنْ دُعَاةِ «النَّبَطِيِّ»، الَّذِينَ لَمْ يَزَالُوا يَنْتَشِرُونَ في الجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةِ في السَّنَواتِ الأخِيرَةِ انْتِشَارًا كَبِيْرًا مِمَّا يُلفِتُ النَّظَرَ، ويَسْتَرْعِي الانْتِبَاهَ، مِمَّا يَبْعَثُ هَاجِسَ الرِّيبَةِ في نِيَّاتِ الَّذِينَ يَسْعَوْنَ إلى نَشْرِهِ بِكُلِّ ما يَمْلِكُوْنَ مِنْ قَنَوَاتٍ إعْلامِيَّةٍ، ممَّا كَانَ سَبَبًا كَبِيْرًا في دَفْعِ شَبَابِ الأمَّةِ إلى مُخَالَفَةِ لِسَانِهِم العَربيِّ، وذَلِكَ باسْتِمْرَاءِ الشِّعْرِ «النَّبَطِيِّ»، وتَذَوُّقِهِ ونَظْمِهِ ... كُلُّ ذَلِكَ سَيَكُوْنَ مِنْهُم (للأسَفِ) على حِسَابِ مُخَالِفَتِهم لِلِّسَانِ العَرَبِيِّ، وقَوَانِينِهِ، ومُفْرَدَاتِهِ، ومُرَكَّبَاتِهِ، وأوْزَانِهِ، مَعَ مَا فيهِ مِنْ ألحَانٍ مَرْذُولَةٍ، وأذْواقٍ مَمْجُوجَةٍ، كَما سَيَأتي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ الله.

* * *

يَقُولُ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ الله في «مَجْمُوْعِ الفَتَاوَى» (32/ 252): «إنَّ هَذَا الكَلامَ المَوْزُونَ كَلامٌ فَاسِدٌ مُفْرَدًا أوْ مُرَكَّبًا; لِأنَّهُمْ غَيَّرُوا فيهِ كَلامَ العَرَبِ، وبَدَّلُوهُ ; بِقَوْلِهِمْ: «مَاعُوا وبَدُوا وعَدُوا»، وأمْثَالُ ذَلِكَ مِمَّا تَمُجُّهُ القُلُوبُ والأسْمَاعُ، وتَنْفِرُ عَنْهُ العُقُولُ والطِّبَاعُ.

وأمَّا «مُرَكَّبَاتُهُ» فَإنَّهُ لَيْسَ مِنْ أوْزَانِ العَرَبِ; ولا هُو مِنْ جِنْسِ الشِّعْرِ، ولا مِنْ أبْحُرِهِ السِّتَّةَ عَشَرَ، ولا مِنْ جِنْسِ الأسْجَاعِ، والرَّسَائِلِ، والخُطَبِ.

وقَالَ أيْضًا: وهَؤُلاءِ تَرَكُوا المُقَامَرَةَ بالأيْدِي، وعَجَزُوا عَنْهَا: فَفَتَحُوا القِمَارَ بالألْسِنَةِ، والقِمَارُ بالألسِنَةِ أفْسَدُ لِلعَقْلِ والدِّينِ مِنَ القِمَارِ بالأيْدِي، والواجِبُ على المُسْلِمِيْنَ المُبَالَغَةُ في عُقُوبَةِ هَؤُلاءِ، وهَجْرِهِمِ، واسْتِتَابَتِهِمْ ـ إلى قَوْلِهِ ـ: فَإنَّهَا تُفْسِدُ اللِّسَانَ العَرَبِيَّ، وتَنْقُلُهُ إلى العُجْمَةِ المُنْكَرَةِ.

إلى قَوْلِهِ: ... والَّذِينَ يُبَدِّلُونَ اللِّسَانَ العَرَبِيَّ ويُفْسِدُونَهُ، لَهُمْ مِنْهُ هَذَا الذَّمُّ والعِقَابُ بِقَدْرِ مَا يَفْتَحُونَهُ، فَإنَّ صَلاحَ العَقْلِ، واللِّسَانِ مِمَّا يُؤْمَرُ بِهِ الإنْسَانُ، ويُعِينُ على تَمَامِ الإيمَانِ، وضِدُّ ذَلِكَ يُوجِبُ الشِّقَاقَ، والضَّلالَ، والخُسْرَانَ، والله أعْلَمُ» انْتَهَى.

* * *

? ثم إنَّني اسْتَعَنْتُ بالله تَعَالى في بَيَانِ خَطَأ إخْوانِي المُسْلِمِيْنَ مِمَّنْ تَسَاقَطُوا في فَلَكِ «شَاعِرِ المَلْيُون»، وغَيْرِهِ مِنْ دَعَاوِي الشِّعْرِ «النَّبَطِيِّ»، مَعَ كَشْفِ خُطُورَتِهِ على الدِّينِ الإسْلامِيِّ، واللِّسَانِ العَرَبِيِّ بإيجَازٍ واخْتِصَارٍ.

فَلَمَّا رَأيْتُ الأمْرَ أمْرًا مُنْكَرًا أجَجْتُ نَارِي ودَعَوْتُ قَنْبَرًا

وأنَا هُنَا لا أدَّعِي الإحَاطَةَ بالمَوْضُوعِ مِنْ جَمِيعِ جَوانِبِهِ; بَل هَذِهِ نُتَفٌ ولَمَحَاتٌ تُوقِفُ اللَّبِيبَ على مَواقِعِ الدَّاءِ، والخَلَلِ الكَامِنِ في مُسَابَقَةِ «شَاعِرِ المَلْيُوْن» خَاصَّةً: كَفِكْرٍ، وهَدَفٍ، وتَقْنِينٍ، ومَنْ أرَادَ مَعْرِفَةَ خَطَرِ نَشْرِ العَامِيَّةِ والشِّعْرِ «النَّبَطِيِّ» بعَامَّةٍ سَوَاءٌ في جَزِيْرَةِ العَرَبِ وغَيْرِهَا، فلْيَنْظُرْ كِتَابِي: «كَفَّ المُخْطِئ عَنِ الدَّعْوةِ إلى الشِّعْرِ النَّبَطِيِّ» ففِيْهِ دِرَاسَةٌ تَأصِيْلِيَّةٌ على ضَوْءِ الكِتَابِ والسُّنَّةِ، كَمَا سَتَرَاهُ إنْ شَاءَ الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير