تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحَسْبُنا هَذَا الحَدِيْثُ النَّبَوِيُّ في تَأوِيْلِ مَا عَلَيْه عُشَّاقُ مُسَابَقَةِ «شَاعِرِ المَلْيُوْن» هَذِه الأيَّامَ مِنْ أبْنَاءِ الجَزِيْرَةِ؛ حَيْثُ وَقَعَ مَا أخْبَرَ عَنْهُ النَّبِيُّ ? مِنْ تَحْرِيْشٍ سَيَكُوْنُ بَيْنَهُم، وقَدْ كَانَ حَذْوَ القُذَّةِ بالقُذَّةِ، وذَلِكَ صَائِرٌ في مُسَابَقَةِ «شَاعِرِ المَلْيُوْن» الَّتِي اتَّخَذَها الشَّيْطَانُ طَرِيْقًا وَاسِعًا للتَّحْرِيْشِ بَيْنَ شَبَابِ المُسْلِمِيْنَ مِنْ أبْنَاءِ الجَزِيْرَةِ!

قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ الله في شَرْحِ هَذِه الحَدِيْثِ (17/ 228): «هَذَا الحَدِيْثُ مِنْ مُعْجِزَاتِ النُّبُوَّةِ … ومَعْنَاهُ: أَيِسَ أنْ يَعْبُدَه أهْلُ جَزِيْرَةِ العَرَبِ، ولَكِنَّهُ في التَّحْرِيْشِ بَيْنَهم: بالخُصُوْمَاتِ، والشَّحْنَاءِ، والحُرُوْبِ، والفِتَنِ، ونَحْوِها».

وهَلْ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ الله عَنَ حَالِ شِيْعَةِ وأشَائِبِ مُسَابَقَةِ «شَاعِرِ المَلْيُوْن» ببَعِيْدٍ؟ لا والَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ، وبَرَأ النَّسَمَةَ!

* * *

? ومِنْ خِلالِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الأدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ النَّاهِيَةِ عَنِ الاخْتِلافِ والافْتِرَاقِ؛ كَانَ حَقًّا على وُلاةِ الأمْرِ وأهْلِ العِلْمِ سَوَاءٌ في دَوْلَةِ الإمَارَاتِ أو غَيْرِهَا مِنْ دوُلَ ِالخَلِيْجِ: أن يَمْنَعُوا هَذِهِ المُوَاطَآتِ المُفَرِّقَةَ بَيْنَ أبْنَاءِ أهْلِ الجَزِيْرَةِ وغَيْرِهَا فِيْما يُسَمَّى بمُسَابَقَةِ «شَاعِرِ المَلْيُوْن»، وأنْ يَمْنَعُوْهَا نُصْحًا لأمَّتِهِم، وخَوْفًا عَلَيْهِم مِنْ مَوَاقِعِ التَّفْرُقَةِ والاخْتَلافِ، ومَرَاتِعِ العَصَبِيَّةِ الجَاهِلِيَّةِ، والله المُوَفِّقُ والهَادِي إلى سَوَاءِ السَّبِيْلِ!

* * *

? المَحْظُورُ السَّادِسُ: الطَّعْنُ في الأنْسَابِ، وذَلِكَ بازْدِرَاءِ القَبَائِلِ الأخْرَى، والتَّقْلِيْلِ مِنْ شَأنِها لاسِيَّما إذَا خَسِرَ شَاعِرُهُم «النَّبَطِيُّ» في مُسَابَقَةِ «شَاعِرِ المَلْيُوْن»، ولم يَنْتَصِرْ، أو رُبَّما كَانَ لا يُحْسِنُ الشِّعْرَ ... هَذَا في القَبِيْلَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ بمُشَارَكَةٍ شِعْرِيَّةٍ، كَيْفَ والحَالَةُ هَذِهِ للقَبَائِلِ الَّتِي لم تَتَقَدَّمْ في تِلْكَ المُسَابَقَةِ، إمَّا لكَوْنِها لا تُحْسِنُ الشِّعْرَ «النَّبَطِيَّ»، أو القَبَائِلِ الَّتِي تَرَفَّعَتْ عَنِ المُشَارَكَةِ في «النَّبَطِيِّ»، لكَوْنِهِ رَكِيْكًا مَلْحُونًا لا يَسْتَحِقُّ أنْ يَكُوْنَ شِعْرًا فَضْلاً أنْ يُنْسَبَ إلى الشِّعْرِ العَرَبيِّ، كَمَا مَرَّ ذِكْرُهُ آنِفًا.

وقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ?: «اثْنَتَانِ في النَّاسِ هُمَا بِهِم كُفْرٌ: الطَّعْنُ في النَّسَبِ، والنِّيَاحَةُ على المَيِّتِ» مُسْلِمٌ.

* * *

? المَحْظُوْرُ السَّابِعُ: ضَيَاعُ مَفْهُوْمِ الوَلاءِ والبَرَاءِ عِنْدَ أنْصَارِ «شَاعِرِ المَلْيُوْن».

لا جَرَمَ؛ فَإنَّ (عَقِيْدَةَ الوَلاءِ، والبَرَاء) أصْلٌ مِنْ أُصُوْلِ هَذَا الدِّيْنِ، ولا يَصِحُّ الدِّيْنُ، ولا يَسْتَقِيْمُ الإيْمَانُ، لِمَنْ لَمْ يُحَقِّقْ هَذِه العَقِيْدَةَ بِوَلائِها، وبَرَائِها.

* * *

قَالَ تَعَالَى: (لاَّ يَتَّخِذِ المُؤْمَنُونَ الكَفِرِينَ أَوْلِياءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ الله فِي شَيءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةٍ وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ, وَإِلَى الله الْمَصِيُر) (آل عمران28).

فَكَانَ لابُدَّ مِنْ وَضْعِ قَضِيَّةِ الوَلاءِ والبَرَاءِ نُصْبَ أعْيُنِ عُشَّاقِ «شَاعِرِ المَلْيُوْن»، حَتَّى يَعْلَمُوا مَنِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الوَلاءَ، ومَنْ يَسْتَحِقُّ المُعَادَاةَ.

* * *

فَقَدْ وَرِثَ أحْفَادُ الغَرْبِ وَصِيَّةَ جَدِّهِم (لُوِيْسْ التَّاسِع) إذْ يَقُوْلُ: «إذَا أرَدْتُم أنْ تَهْزُمُوا المُسْلِمِيْنَ فَلا تُقَاتِلُوْهُم بالسَّلاحِ وَحْدَه ـ فَقَدْ هُزِمْتُم أمَامَهُم في مَعْرَكَةِ السِّلاحِ ـ ولَكِنْ حَارِبُوْهُم في عَقِيْدَتِهِم، فَهِيَ مَكْمَنُ القُوَّةِ فِيْهِم».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير