4/ لا يصح الاستدلال بالعرف فإن العرف ليس منأدلة تشريع الأحكام، وإنما يبنى عليه في تطبيق الأحكام وفهم المراد من ألفاظالنصوص، ومن عبارات الناس في إيمانهم وتداعيهم وأخبارهم وسائر ما يحتاج إلى تحديدالمقصود منه من الأفعال والأقوال، فلا تأثير له فيما تبين أمره وتعين المقصود منه، وقد دلت الأدلة دلالة واضحة على منع التأمين فلا اعتبار به معها.
5/ الاستدلالبأن عقود التأمين التجاري من عقود المضاربة، أو في معناه غير صحيح، فإن رأس المالفي المضاربة لم يخرج عن ملك صاحبه، وما يدفعه المستأمن يخرج بعقد التأمين من ملكهإلى ملك الشركة حسبما يقضي به نظام التأمين، وأن رأس مال المضاربة يستحقه ورثةمالكه عند موته، وفي التأمين قد يستحق الورثة نظاماً مبلغ التأمين، ولو لم يدفعمورثهم إلا قسطاً واحداً، وقد لا يستحقون شيئاً إذا جعل المستفيد سوى المستأمنوورثته، وأن الربح في المضاربة يكون بين الشريكين نسباً مئوية بخلاف التأمين فربحرأس المال وخسارته للشركة، وليس للمستأمن إلا مبلغ التأمين، أو مبلغ غيرمحدد.
6/ قياس عقود التأمين على ولاء الموالاة عند من يقول به غير صحيح، فإنهقياس مع الفارق، ومن الفروق بينهما أن عقود التأمين هدفها الربح المادي المشوببالغرر وبالقمار وفاحش الجهالة، بخلاف عقد ولاء الموالاة، فالقصد الأول فيه التآخيفي الإسلام والتناصر، والتعاون في الشدة والرخاء وسائر الأحوال، وما يكون من كسبمادي، فالقصد إليه بالتبع.
7/ قياس عقد التأمين التجاري على الوعد الملزم عندمن يقول به لا يصح، لأنه قياس مع الفارق ومن الفروق، أن الوعد بقرض، أو إعارة، أوتحمل خسارة مثلاً من باب المعروف المحض، فكان الوفاء به واجباً، أو من مكارمالأخلاق بخلاف عقود التأمين، فإنها معاوضة تجارية باعثها الربح المادي، فلا يغتفرفيها ما يغتفر في التبرعات من الجهالة والغرر.
8/ قياس عقود التأمين التجاريعلى ضمان المجهول، وضمان ما لم يجب قياس غير صحيح لأنه قياس مع الفارق أيضاً، ومنالفروق أن الضمان نوع من التبرع يقصد به الإحسان المحض بخلاف التأمين، فإنه عقدمعاوضة تجارية يقصد منها أولاً الكسب المادي، فإن ترتب عليه معروف، فهو تابع غيرمقصود إليه، والأحكام يراعى فيها الأصل لا التابع ما دام تابعاً غير مقصود إليه.
9/ قياس عقود التأمين التجاري على ضمان خطر الطريق لا يصح فإنه قياس مع الفارقكما سبق في الدليل قبله.
10/ قياس عقود التأمين التجاري على نظام التقاعد غيرصحيح، فإنه قياس مع الفارق أيضاً، لأن ما يعطى من التقاعد حق التزم به ولي الأمرباعتباره مسئولاً عن رعيته، وراعى في صرفه ما قام به الموظف من خدمة الأمة، ووضع لهنظاماً راعى فيه مصلحة أقرب الناس إلى الموظف، ونظر إلى مظنة الحاجة فيهم، فليسنظام التقاعد من باب المعاوضات المالية بين الدولة وموظفيها، وعلى هذا لا شبه بينهوبين التأمين الذي هو من عقود المعاوضات المالية التجارية التي يقصد بها استغلالالشركات للمستأمنين، والكسب من ورائهم بطرق غير مشروعة. لأن ما يعطى في حالةالتقاعد يعتبر حقاً التزم به من حكومات مسئولة عن رعيتها، وتصرفها لمن قام بخدمةالأمة كفاء لمعروفه، وتعاوناً معه جزاء تعاونه ببدنه، وفكره وقطع الكثير من فراغهفي سبيل النهوض معها بالأمة.
11/ قياس نظام التأمين التجاري وعقوده على نظامالعاقلة لا يصح، فإنه قياس مع الفارق، ومن الفروق أن الأصل في تحمل العاقلة لديةالخطأ وشبه العمد ما بينها وبين القاتل خطأ، أو شبه العمد من الرحم والقرابة التيتدعو إلى النصرة والتواصل والتعاون وإسداء المعروف، ولو دون مقابل، وعقود التأمينالتجارية استغلالية تقوم على معاوضات مالية محضة لا تمت إلى عاطفة الإحسان، وبواعثالمعروف بصلة.
12/ قياس عقود التأمين التجاري على عقود الحراسة غير صحيح، لأنهقياس مع الفارق أيضاً. ومن الفروق أن الأمان ليس محلاً للعقد في المسألتين، وإنمامحله في التأمين الأقساط ومبلغ التأمين، وفي الحراسة الأجرة وعمل الحارس، أماالأمان فغاية ونتيجة، وإلا لما استحق الحارس الأجرة عند ضياع المحروس.
¥