أما هؤلاء الليبراليون فلم ير المجتمع منهم أي مشروع حضاري أو خدمي قدموه لأمتهم أو مجتمعهم إلا مزيداً من البعد عن الله ووقوفاً مع أعداء الأمة، وإبعاداً للمجتمع عن طهره ونقائه ليقع في براثن الانحلال والانحطاط في تبعية مهينة للعدو.
المشروع الليبرالي العملاق:
نعم قدم هؤلاء الليبراليون أعظم مشروع إفسادي تظهر آثاره فيما يلي ـ ولولا خشية الإطالة لنقلت شيئاً من أقوالهم في كل نقطة ذكرتها ـ:
1. عدم احترام النصوص الشرعية والوقوف عند دلالاتها، بل تجرأوا عليها بالتحريف والتأويل والتعامل مع النص وكأنه من أقوال البشر. وتحت دعاوى إعادة قراءة النص وأنه لا بد من تعدد قراءات النص الواحد كتبوا الكثير لكي يفسر كل واحد منهم النص على ما يريده ويهواه لا يرجع في ذلك إلى أي ضابط ولا يعترف بأي عالم فأصبح كل يستطيع تفسير النص،وردوا السنة الصريحة لأنها لا توافق عقولهم الفاسدة، وقسموا السنة إلى سنة تشريعية وسنة غير تشريعية وهؤلاء جهلة بالنصوص الشرعية وكيفية التعامل معها واستنباط الأحكام منها. فمن المسلمات لدينا أنه لا بد من فهم النص على حسب فهم السلف فهم الذين عايشوا التنزيل وصاحبوا الرسول وأخذوا عنه وبين لهم فأي فهم للنص خارج فهمهم فهو أمر مرفوض، والذي يسوغ له الحديث في أمور الدين وفقه النصوص هم أهل العلم الذين أمرنا الله بالرد إليهم والصدور عن كلامهم، لكن هؤلاء قالوا دعونا نقرأ النص ونفهمه حسب الواقع والعصر الذي نعيش فيه بعيداً عن أي مؤثر آخر. إن هذا التوجه ضلال عظيم ولعب بالشريعة من أناس جهلة لا يقدرون قيمة النص ولا يفقهون في طرق الاستدلال ولا منهج التعامل مع النصوص وضوابط ذلك فلا يعرفون العام والخاص ولا المطلق والمقيد ولا المجمل والمبين ولا الناسخ والمنسوخ ولا العبرة بعموم اللفظ لا خصوص السبب ولا يدركون شيئاً من ذلك ومع هذا يقولون لا بد من تعدد قراءة النص وفهمه على ما نريد.
2. الإعجاب بالغرب والتبعية المهينة له ودعوة الأمة للاحتذاء حذوهم في مقابل الاستخفاف والاستهزاء والسخرية بنا كمسلمين وأننا أمة لا تستحق البقاء ولا تملك مقوماته حتى تحذو حذو الغرب المتطور. فهم في الحقيقة مفتونون بالقيم الغربية غاية الافتتان حتى وضعوا الغرب مقياساً للحضارة والتقدم وحقوق الإنسان وأننا سبب في الوقوف في وجه هذا التقدم والحضارة حتى أصبحنا عبئاً على غيرنا يقول إبراهيم البليهي ((المحبط الحقيقي هو أن نزكي أنفسنا ونحن بهذا الوضع السيئ، العرب والمسلمون الآن أضحوكة في العالم، يعني ونحن كنا أضحوكة ولا يهتم لنا أحد لكننا الآن أصبحنا نعلن لهم أننا نبدع في قطع الرؤوس ونبدع في القتل وفي التفجير، هذا أقصى ما نستطيع أن نبدع فيه وهذه معضلة كبرى أصبحنا لسنا فقط عبئاً على أنفسنا وإنما أصبحنا عبئاً على العالم ... أنا أعتقد أن العالم كله يتقهقر بسبب أفعالنا، مثلاً البلدان الغربية اليمقراطية أمريكا وأوروبا وبريطانيا وغيرها أصبحت تعدّل أنظمتها بما يقيد الحريات)).
وتتلخص نظرتهم المفرطة في الإعجاب بالغرب في ما يلي:
• تقديم حسن الظن بهم وأنهم لا يكيدون للإسلام ولا أهله، وإن المتدينين يعيشون عقدة المؤامرة.
• اتهام المسلمين بأنهم سبب العداء الذي يعيشه العالم الإسلامي اليوم مع الغرب.
• الدعوة إلى عدم المواجهة والمقاومة، والنقد اللاذع لمن يدعو لمقاومة المحتل.
• الانبهار بالحضارة الغربية والإشادة بأصحابها. يقول البليهي: ((أنا أعتبر أنني معجب بمن يستحقون الإعجاب، يعني هؤلاء الذين حولوا الدنيا إلى هذا الشكل، هل نحن الذين حولنا بهذا الشكل؟ نحن لم نساهم ولا بشئ، نحن بالعكس نحاول أن ندمر الآن ... ))
3. الهجوم على ثوابت الأمة ومسلماتها بدءاً بإعادة النظر في مفهوم لا إله إلا الله إلى أدنى قضية في التشريع.
4. الهجوم على التاريخ الإسلامي وأنه تاريخ أسود لا يشرف الانتساب إليه.
5. دعوة الأمة إلى الضعف والذلة والهوان بالهجوم على الجهاد الإسلامي وأنه يجب إلغاؤه من قاموس الأمة لتعيش مع الآخرين في حب ووئام وسلام.
6. الهجوم على المرأة المسلمة المتمسكة بحجابها ودعوتها إلى نبذه والتحرر منه لتكون قدوتها المرأة الغربية لتقع في مستنقع الانحلال.
¥