تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

["الإنفاق في سبيل الله"د. محمد أمين المصري]

ـ[محمد بن عبد المجيد المصري]ــــــــ[03 - 05 - 08, 04:02 م]ـ

"الإنفاق في سبيل الله"

د. محمد أمين المصري

إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

أما بعد أيها الأخوة المؤمنون، يقول الله تباركت أسماؤه في محكم تنزيله: {لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ومَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} وقال تعالى {ومَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ} وقال تعالى: {ومَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إلَيْكُمْ وأَنتُمْ لا تُظْلَمُونَ}.

وهكذا أيها الأخوة، وهكذا أيها الأخ المؤمن، لا تكاد تتلو بضع آيات من كتاب الله إلا وتجد حضاً كبيراً، وتجد دعوة قوية تهيب بك أيها المؤمن أن تنفق في سبيل الله، تنفق لمن؟ إنك تنفق على أخ لك مثلك.

ما الغرض من ذلك؟ التغرض من ذلك أن يكون هناك تعاطف بين المسلمين، أن يكون هناك تراحم بين المسلمين، حتى يكونوا كجسد واحد إذا اشتكى منه عضو واحد تداعى له سائر الجسد، كل عضو ندب نفسه لمعونة هذا العضو كي لا يكون في المسلمين شقي واحد ولا بائس واحد ولا محروم واحد. أيها الأخ الكريم: لا تتلو آية فيها دعوة إلى الصلاة إلا وتجد آية فيها دعوة إلى الزكاة، ولا تتلو آية فيها دعوة إلى الإيمان إلا وتجد آية تدعى فيها إلى الجهاد واية ثالثة تدعى فيها إلى الإنفاق في سبيل الله.

قال تعالى: {إنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}. وقال تعالى: {إنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} خافت من عظمة الله، من كبرياء الله، من سطوة الله، من جبروت الله ((إنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وإذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَاناً وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ومِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)).

أيها الأخوة: الأمة يجب أن تكون جسماً واحداً، المجتمع يجب أن يكون بناءً واحداً. هنالك الضمان الاجتماعي، هنالك التكافل الاجتماعي، هنالك العدالة الاجتماعية، كل ذلك مبعثه من الإيمان، من الرحمة، من حب المؤمنين، لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع.

أيها الأخوة: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبياً، وكفرنا بكل مبدأ يغاير الإسلام، كفرنا بكل نحلة تأتينا من ديار الأعداء، وتركنا وهجرنا كل مذهب يغاير مذهب الإسلام، إنما هو كفر وإيمان إنما هو ضلال وهدى، إنما نستمسك بدين محمد -صلى الله عليه وسلم- وندع كل شريعة باطلة. أيها الأخوة لا نعرف ضماناً إلا ضمان الإسلام، ولا نعرف تكافلاً إلا تكافل الإسلام، ولا نعرف عدالة إلا عدالة الإسلام، أما ما وراء ذلك فألفاظ كاذبة ودعوات زائغة واشتراكيات منحرفة ضالة وذلك لأن الإسلام ينظر إليك على أنك إنسان على أن لك روحاً، على أن فيك معاني الإنسانية، تستطيع أن تعلو فوق الحيوانية، تستطيع أن تسمو فوق المادة، تستطيع أن تؤمن بالله وتهب نفسك لله وتعيش في سبيل الله وتنفق مالك لله، الإسلام أيها الأخوة يربيك على أنك إنسان تؤمن بالله وتؤمن باليوم الآخر وترضى بما أمر الله، وتذر ما أمرك الله بتركه، كل ذلك سهل عليك فتنفق مالك كله إن اقتضى الأمر في سبيل الله كما فعل أبو بكر حين جاء بماله كله فوضعه بين يدي الرسول في غزوة تبوك،فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا أبا بكر ماذا تركت لنفسك وأهلك؟» قال: تركت لهم الله ورسوله. وجاء عمر بنصف ماله وجاء عثمان بشيء كثير جداً ووضعه بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:» اللهم ارض عن عثمان فإني راض عنه «، قدم آلاف الدنانير ومئات الإبل وهكذا جهز جيش العسرة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير