تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الانطلاق عندنا من الإيمان، من مبادئنا أن يكون الإنسان إنساناً، أما الإنسان الذي لا يعرف إلا شهوته، لا يعرف إلا طعامه، لا يعرف إلا شرابه،لا يعرف إلا منافعه، إنسان مثل هذا يجب أن ينزع ماله وتوضع له القيود ويغل بالأغلال، أما المؤمن فليس له ذلك. ترك الإسلام للمؤمن الحرية، ترك لطاقاته أن تندفع، ترك لإمكاناته أن تتبارى وأن تقوم بمشروعات، إن إنساناً واحداً يستطيع أن يقوم أحياناً بما لا تستطيع أن تقوم به أمة. الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة، الأكثرية على الغالب بسطاء وسطاء تجد بينهم نابغة واحداً، الإسلام لا يقول لهذا الواحد نكبت حريتك، نمنعك من التصرف، نغل يديك، بل نقول له: انطلق بقوتك ولكن أنت وقوتك وإيمانك وطاقاتك لله وفى سبيل الله وللأمة، فإذا دق جرس الخطر تقدمت بنفسك ومالك .. هذه تربية الإسلام، تربية الإسلام إطلاق للقوى، إطلاق للطاقات مع تربية القلب حتى يكون قلباً مؤمناً فإذا كان كذلك كان كل ما لديه له، كل سعيه كان في سبيل الله. نظرة الإسلام أن نطلق القوى ونربى القلوب ونعتبر الإنسان بشراً سوياً. نظرة أولئك ألا نعتبر الإنسان بشراً سوياً بل نفعياً أنانياً لا سبيل للرحمة إلى قلبه. لا تسمح له بالانطلاق، ينطلق في سبيل نفسه وكبت غيره. أنا لا أدري هل أستطيع أن أفرق بين نظرتين نظرة الأمل بك أيها الإنسان ونظرة سوء الظن بك أيها الإنسان، نظرة على أنك تؤمن بالله واليوم الآخر، ونظرة على أنك قطعة من الكون ألقيت وستنتهي، هذه الحياة تكون منطلقاً لك ومسرحاً للذاتك أنت، أما نظرة الإسلام فإنه أطلق وربى من الداخل، أما نظرة أولئك فاعتبروا الإنسان حيواناً وبهيمة.

أيها الأخوة: أما الذنب فهو ذنبنا، ذنبنا نحن المسلمين، هل يصح أن يقال إن مجتمعنا مجتمع إسلامي؟ لا. هل نمثل الإسلام تمثيلاً صحيحاً؟ هل هذا المجتمع هو الذي وصفه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد؟ لا بكل أسف، لا ليس الأمر كذلك إننا لا نمثل الإسلام، نحن الآن أنانيات محضة، قلوب بعيدة متنافرة يصدق علينا ما يقول أولئك كأننا والله لا نؤمن بالله ولا نؤمن باليوم الآخر، نحن لا نمثل الإسلام ولا نستطيع أن ندافع عن الإسلام ولا نستطيع أن نذيع للملأ أن كلمة الله هي العليا لا ن الناس ينظرون إلى الإسلام من خلال هذه النفوس الواهية المتواكلة الضعيفة المستخذية فلا نستطيع أن نقول هذا هو الإسلام، فانظروا نحن قد جنينا إثمين:

أولاً: جنينا على أنفسنا وسنلاقي جزاء عملنا.

ثانياً: جنينا على سمعة الإسلام.

إن الناس ينظرون إلى الإسلام من خلال أعمالنا ومن خلال مجتمعنا، هذا هو المجتمع الإسلامي فانظروا إلى الإسلام، الذنب ذنبنا الإثم إثمنا، الجريمة جريمتنا. لو كان هناك مجتمع واحد إسلامي في العالم كله لكان حجة على النظريات وحجة على المذاهب، ولتبين للناس جميعاً أن الإسلام هو الكمال وأن ما تتخبطون به من نظريات ومذاهب هو الضلال والبطلان، ولكن هؤلاء يتخبطون ويتنقلون بين المذاهب ولا يظنون أن الإسلام لديه الحل إلا نفر يسير منهم ولكنهم قلة، نفذت أبصارهم إلى ما وراء المجتمع الإسلامي وإلى الإسلام وحقيقته واستطاعوا أن يعرفوا الإسلام. لو كان هناك مجتمع إسلامي واحد لكان حجة على الشرق وحجة على الغرب، ولكان مجتمعاً مثالياً.

أيها الأخوة: لم يكن كذلك أسلافنا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نحن أيها الأخوة أصبنا بضعف، وهذا الضعف الذي أصبنا به رضينا به وسوغنا لأنفسنا ما نحن فيه وقلنا هذا هو الإسلام، المؤمن لا يبالي بما في المجتمع، المؤمن لا يهتم بشئون الأمة، المؤمن لا يندفع إلى الخير، المؤمن لا يجاهد في سبيل الله وفي سبيل إيقاف الشر عند حده، كل واحد منا شأنه كذلك وهو يرى أنه مؤمن وهو يرى ألا طاقة له، وهو يرى أن هذا قضاء الله، وكل ذلك حيل ركبها الشيطان، وسولتها النفوس، وليس الواقع كذلك حينما نسمع آيات الله تجبهنا وتصدع وجوهنا نلتفت إلى حيلة أخرى، نقول: لا! ذلك لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أما نحن المساكين أين نحن من أولئك، الآيات تدعونا إلى الجهاد، ونحن همتنا أدنى، رضينا بالأدنى. رضينا بالمرتبة الدنيا وانتهى ذلك إلى أن مجتمعنا لا يمثل مجتمعا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير