تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوجه الخامس: أنه يضيع الوقت فى عبث فارغ لا فائدة ترجى من ورائه هذا غيض من فيض، وليس كون الشئ من الطيبات أو من الخبائث بأمزجة الناس أو وجهات نظرهم؛ لأن الأمزجة فى الأمر الواحد قد تختلف ووجهات النظر فيه قد تتباين، فمثلاً أنت ترى شيئاً أنه نافع ويراه غيرك فى الوقت ذاته ضاراً فى وجهة نظره، قال جمهور العلماء: الطيبات التى أحلها الله ماكان نافعاً لآكله فى دينه والخبيث ماكان ضاراً له فى دينه، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى " فكل ما نفع فهو طيب وكل ما ضر فهو خبيث والمناسبة الواضحة لكل ذى لب أن النفع يناسب التحليل والضرر يناسب التحريم والدوران، فإن التحريم يدور مع المضار وجوداً فى الميتة والدم ولحم الخنزير وذوات الأنياب والمخالب والخمر وغيرها مما يضر بأنفس الناس وعدماً فى الأنعام والألبان وغيرها ". فأما من ألف القات واعتاده فلا يرى خبثه كالجعل لا يستخبث العذرة؛ ولذا قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى كما سبق: والإنسان إذا فسدت نفسه أو مزاجه يشتهى ما يضره ويلتذبه بل يعشق ذلك عشقاً يفسد عقله ودينه وخلقه وبدنه وماله، وأما ما يجده بعض الناس من راحة نفسية فى تعاطى القات فليس منفعة ذاتية فيه وإنما ذلك لاعتياده عليه وإدمانه له فهو لهذا يرتاح لاستعماله شأن كل ما يعتاده الإنسان تعاطيه مهما كان مؤذيا وضارا غاية الضرر.

والدليل الثاني من الكتاب قوله تعالي " ولاتلقوا بأ يد يكم إ لي التهلكة"وجه الدلالة من الآية أن الله تعا لي نهانا عن كل ما يؤدى بنا إلي الهلاك فى غير طاعة، وتعاطى القات يؤدى بالإنسان إلى الهلاك عاجلا أو آجلا

قال أبوجعفر بن جرير الطبرى رحمه الله تعالى عندما أورد أقوال السلف فى تفسير الآية "فإذا كانت هذه المعانى كلها يحتملها قوله تعالى "ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة" ولم يكن الله عز وجل خص منها شيئا دون شئ فالصواب من القول فى ذلك أن يقال"إن الله تعالى نهى عن الإلقاء بأيدينا لما فيه هلاكنا "وأما التهلكة فإنها التفعلة من الهلاك"وقال أبوحيان محمد بن يوسف الأندلسى رحمه الله تعالى " بعد سرده لأقوال المفسرين فى الآية": وهذه الأقوال كلها تحتمل هذه الآية والظاهر أنهم نهوا عن كل ما يؤول بهم إلى الهلاك فى غير طاعة الله تعالى" وقال جمال الدين القاسمى: وقوله تعالى "ولاتلقوا بأيديكم " أى ما يؤدى إلى الهلاك أى لا تلقوا أنفسكم بأيديكم إلى الهلاك وذلك بالتعرض لما تستوخم عاقبته جهلا به " لاريب أن القات يؤدى إلىالهلاك بلا نزاع وأنه مما تستوخم عاقبته، والواقع شاهد على ذلك.

والدليل الثالث من الكتاب قوله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) وأما وجه الدلالة من الآية فهو أن الله تعالى نهانا عن قتل أنفسنا وهذا يحتمل وجهين: الوجه الأول أن يقتل بعضنا بعضاً وهو منهى عنه بنصوص أخرى كثيرة، والثانى:أن يتسبب المرء فى قتل نفسه وذلك بأن يمارس ما يقضى على حياته وهو محل الشاهد من الآية فى مقامنا هذا، ولا يجوز لأحد أن يمارس ما يقضى على حياته فى غير طاعة الله , وتسبب الإنسان فى قتل نفسه أمر خطير جداً وقد قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات، قال الله عز وجل: عبدى بادرنى بنفسه حرمت عليه الجنة، قال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى: الحديث أصل كبير فى قتل النفس سواء كانت نفس الإنسان أو غيره لأن نفسه ليست ملكه أيضاً فيتصرف فيها على حسب ما يراه، وقال الحافظ ابن حجر العسقلانى رحمه الله تعالى: وفى الحديث تحريم قتل النفس سواء كانت نفس القاتل أو غير ه وفيه الوقوف عند حقوق الله تعالى ورحمته بخلقه حيث حرم عليهم قتل نفوسهم وأن الأنفس ملك الله .... وفيه تحريم تعاطى الأسباب المفضية إلى قتل النفس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير