تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا شك أن كل ما يعرض النفس للهلاك عاجلاً أوآجلاً محرم شرعاً فالقات إن لم يعرض النفس للهلاك فى العاجل فإنه يعرضها له فى الآجل بدون شك؛ ولذا قال الشيخ محمد بن سالم البيحانى رحمه الله تعالى: ومعلوم من أمر القات أنه يؤثر على الصحة البدنية فيحطم الأضراس ويهيج الباسور، ويفسد المعدة ويضعف شهية الأكل ويدر السلاس وربما أهلك الصلب وأضعف المنى وأظهر الهزال وسبب القبض المزمن ومرض الكلى وسيأتى كلامه بتمامه إن شاء الله تعالى.

والدليل الرابع من الكتاب قوله تعالى: (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيراً * إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً)، أمرنا الله عز وجل بإيتاء ذى القربى حقه والمسكين ونهانا عن التبذبر وهو تفريق المال فى غير موضعه مأخوذ من تفريق حبات وإلقائها كيفما كان من غير تعهد لمواقعه، وقوله جل ذكره " إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين " تعليل للنهى عن التبذير ببيان أنه يجعل صاحبه ملزما فى قرن الشياطين،ً والمراد بالأخوة المماثلة التامة فى كل ما لا خير فيه من صفات السوء التى من جملتها التبذير.

والدليل الخامس من الكتاب قوله تعالى: (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، فالله عز وجل نهانا فى الآية عن الإسراف وهو تجاوز الحد فى صرف المال ويدخل فى ذلك إضاعته من باب أولى وثبت فى صحيح البخارى من حديث المغيرة بن شعبة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان ينهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعةالمال، قال الإمام النووى رحمه الله تعالى: وأما إضاعة المال فهو صرفه فى غير وجوهه الشرعية وتعريضه للتلف وسبب النهى أنه إفساد والله لا يحب المفسدين؛ ولأنه إذا أضاع ماله تعرض لما فى أيدى الناس , وقال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى: وأما إضاعته فحقيقته المتفق عليها بذله فى غير مصلحة دينية أو دنيوية وذلك ممنوع؛لأن الله تعالى جعل الأموال قياماً لمصالح العباد وفى تبذيرها تفويت لتلك المصالح إما فى حق مضيعها أوفى حق غيره فكيف إذا كان مع تبذير المال وإضاعته والإسراف فيه ضرر يقيناً أو ظناً أى أنه اجتمع عليه إتلاف المال والبدن معاً، والذى يتعاطى القات مع إسرافه وتبذيره وإضاعته للمال يضيع حقوقاً كثيرة بسبب القات يضيع حقوق زوجته وأولاده ويجور على قوتهم والضرورى من نفقتهم وقد قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: كفى بالمرء إثما ً أن يضيع من يقوت، فالحديث يدل على وجوب النفقة على الإنسان لمن يقوته فإنه لا يكون آثماً على تركه لما يجب عليه وقد بولغ هنا فى إثمه بأن جعل ذلك كافياً فى هلاكه عن إثم سواه.

انظر إلى ما رتب على إضاعة المال فى القات و تبذيره فيه من التضييق على الفقراء والمساكين وحرمانهم من الصدقة بعد التضييق على الزوجة والأولاد وحرمانهم من النفقة الواجبة.

ويهدر مع ذلك كله وقتا كثيراً لأن تخزين القات يتطلب فترة طويلة وتراهم يجلسون من بعد الظهر حتى منتصف الليل أو آخره، استمع إلى هذا الخبر المفجع قال أحد الزائرين لليمن: كان لا بد أن نحضر جلسة قات وانتهت الجلسة وثارت ثائرتنا على ما شهدنا وتوجهنا مباشرة إلى مكتب رئيس وزراء اليمن دولة محسن العينى نسأله بكل بساطة: لماذا لا تمنعون القات بجرة قلم وتريحوا البلاد من مآسيه ومشاكله ونظر إلينا رئيس الوزراء وقال بألم ومرارة: ما من شك أن فى سؤالكم الكثير من الغيرة ولكن مشلكة القات لا يمكن حلها بجرة قلم وكم بودى أن أوقع فى هذه اللحظة قراراً يمنع القات إذا كان يقضى على هذه المشكلة ولكنى أعلم أنها سوف تخلق لليمن مائة مشكلة أكثر تعقيداً من مشكلة القات نفسه ويتابع رئيس وزراء اليمن كلامه يكفى أن أذكرلكم أن اليمن تخسر سنوياً ما يزيد على ثلاثة آلاف مليون وخمسمائة مليون ساعة عمل، إن هذا الوقت الهائل هو الذى يقضى أبناء اليمن فى مضغ القات وتخزينه كل سنة إنه وقت ثمين للغاية بلا دنا فى أمس الحاجة إليه يضيع هكذا دون أى فائدة أو مكسب للبلاد فيصيب اقتصادنا القومى بخسائر فادحة تصوروا أننا حاولنا دعوة موظفى الحكومة للعمل فى الدواوين بعد الظهر لنسرع فى حل بعض مشاكل اليمن المستعجلة ولكن مواعيد تخزين القات وقفت حائلاً بيننا وبين تحقيق أمنيتنا إنها مأساتنا ومشكلتنا الكبرى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير